تكبر وتبان!

TT

تم إعلان أول حالة وفاة بمرض إنفلونزا الخنازير في السعودية، ويقول شقيق المتوفى لقناة العربية إنه تمت مراجعة أحد المستشفيات لأكثر من أسبوعين، وكان المريض يشكو من ارتفاع في درجة الحرارة، وسعال، ووجع في الحلق، وضيق في التنفس، وفي كل مرة كان المستشفى يضعه على جهاز الأكسجين لمدة 4 ساعات قبل أن ينصرف، وتدهورت حالة المريض، فأدخل إلى قسم العناية المركزة، وشخصت الحالة على أنها التهاب رئوي حاد، وحينما توفي أرجعت أسباب الوفاة إلى هبوط في الدورة الدموية، وفشل في الرئة. وبينما كانت الأسرة تتأهب لغسل مريضها ودفنه تلقت اتصالا يشير إلى أن إنفلونزا الخنازير هي السبب في وفاة ابنها، ويمكن القول إنه تعددت أسباب الموت لكن عدم الدقة في التشخيص المبكر ربما كان السبب الأهم الذي أودى بحياة الشاب.

شيء مدهش أن يكتشف المستشفى المرض بعد وفاة المريض، بينما تخبط طويلا في تشخيصه أثناء حياته، وكان أولى به أن يضع احتمال الإصابة بهذا النوع من الإنفلونزا ضمن قائمة احتمالاته، في ظل ظاهرة انتشاره، ومات الشاب صالح الخشرمي ـ رحمه الله ـ كأول ضحية من ضحايا المرض في السعودية، وإن كان ـ بكل تأكيد ـ ليس الضحية الأولى لخطأ التشخيص في مستشفياتنا.

ويشكل التفكير في فصلي الخريف والشتاء القادمين كابوسا مخيفا للجهات الطبية على مستوى العالم، ففي هذين الفصلين ترتفع معدلات الإصابة بالإنفلونزا الموسمية، ويخشى أن يختلط خلالهما الحابل بالنابل، ليجد الأطباء أنفسهم مجبرين على التشكك في كل حالة إنفلونزا على أنها إنفلونزا الخنازير، وبالتالي إدخال المريض في إجراءات التحليل المختبري ونحوه، أو التعامل مع كل حالة إنفلونزا على أنها من الأنواع الاعتيادية، وفق مبدأ «تكبر وتبان»، وفي الحالتين سيكون الأمر مربكا، ومزعجا، ومخيفا.

إنفلونزا الخنازير حتى اللحظة لم تحدد بدقة الأعراض التي تميزها عن الإنفلونزا الموسمية، على الأقل بالنسبة للناس العاديين غير المختصين، وأخشى لو أن هذه الإنفلونزا واصلت انتشارها، وارتفع عدد ضحاياها، دون أن يصاحب ذلك وعي بأعراضها فإن الناس سيهربون من بعضهم في الطرقات والشوارع، وقد صوّر مثل تلك الحالة مخرج عربي في بداية ظهور مرض الإيدز، فأظهر مريضا يسير، وعشرات الناس تركض أمامه هاربة في الطرقات خوفا من انتقال العدوى، وذلك لجهل الناس بالأساليب المحددة لانتقالها.

أسأل الله العافية للجميع.