آفة الأخبار رواتها

TT

إليكم هذه القصة التي وقعت في الصيف، وأحداثها دارت ما بين لندن ودولة خليجية. فقد ذهبت عائلة إلى لندن وهي بكامل (الاستف) من الزوج إلى الزوجة إلى الأولاد إلى الشغالة.

ومن الصدف أن الزوجة والشغالة تحملان نفس الاسم ولنرمز له بـ(سميرة). والذي حصل أن الشغالة هربت، وعلمت إحدى صديقات الأسرة بذلك، وكانت في لندن، ولم يسعها إلا أن تفتح تلفونا على شقيقة الزوجة التي ما زالت في بلدها، وتخبرها أن سميرة قد كتبت رسالة للزوج وخرجت ولن تعود، واعتقدت الشقيقة أن أختها هي التي (طفشت) من زوجها، فصاحت بها قائلة: والأولاد؟! فردت عليها تلك: إنهم لا يهمونها، فقالت: (وأبو فلان) كيف لم يحاول أن يثنيها ويرجعها؟! فقالت إنه غير مكترث، بل إنه قال: (تروح في ستين داهية). وحيث إن المفاجأة صعقت الشقيقة، فقد أقفلت السماعة وهي تولول، دون أن تعطي الفرصة للمتصلة أن تكمل الحكاية، ولم يسعها إلا أن تذهب إلى والدها وإخوانها، وتخبرهم بالذي حصل، وقرر الأب العجوز وأحد أبنائه أن يذهبا إلى لندن فورا، للبحث عن الزوجة الهاربة ـ التي هي ابنتهم ـ وفي نفس الوقت مواجهة الزوج من موقفه السخيف. وفعلا، وفي نفس الليلة استقلا الطائرة إلى لندن، ومن المطار رأسا إلى الشقة التي يقطنها الزوج، الذي تصادف أنه لوحده في الشقة، وأول ما فتح الباب وجد والد زوجته وشقيقها في وجهه، وتفاجأ من تعبيرات وجهيهما، وأنهما لم يسلما عليه، وتفاجأ أكثر حينما سألاه عن سميرة وكيف تركها هكذا في بلاد الغربة دون أي وازع من ضمير.

فرد عليهما متعجبا: أمن أجل هذه المرأة الخسيسة الناكرة للجميل أنتما ضربتما هذا المشوار بالطائرة لتأتيا إلي لكي تؤنباني؟! ثم إنها امرأة مثل (الحرباية) فلا تخافا عليها أن تتوه في بلاد الغربة، فهي تعرف كيف تدبر أمرها حتى مع أحط مستويات الناس.

عندها لم يتمالك الوالد العجوز نفسه، فانطلق يكيل له الشتائم قائلا: صدق فلان عندما نعتك بـ(كذا وكذا)، وفلان عندما حذرني من أن أقبل بك زوجا لابنتي لأنك إنسان غير مؤتمن.

فازداد تعجب الرجل مما سمعه، ولكنه تمالك أعصابه وقال للوالد: سامحك الله يا عمي، كيف تقول لي هذا الكلام؟!

فرد عليه بغضب: اصحى تسميني عمك، (عمى الدبب) إن شاء الله، وماذا تريدني أن أفعل، هل تريدني أن (أطبطب) على ظهرك، وأنت تترك ابنتي تهرب، وفوق ذلك تصفها بـ(الحرباية)، وأنها مستعدة أن تتعايش مع أحط الناس؟!

وفجأة انتبه واستدرك الزوج، فانفجر ضاحكا بصوت مرتفع ومتواصل، وسط ذهول وحنق الوالد الذي أخذ يصرخ في وجهه مرددا: وكمان تضحك.. وكمان تضحك يا نذل.

واستطاع الزوج بعد جهد جهيد أن يسيطر على ضحكاته، وقال لهما: إن هناك التباسا قد حصل، فالتي هربت هي سميرة الشغالة، وليست سميرة زوجتي حبيبتي التي ذهبت مع الأطفال إلى حديقة (الهايد بارك) وسوف تعود بعد قليل.

فنهض الوالد ليعانق الزوج بخجل وهو يقول له: لا تصدق كلامي يا ابني، فقد كنت أمزح.