توت عنخ آمون.. الأصل والحقيقة

TT

بدأنا عملية الحصول على عينات من الحامض النووي DNA من المومياوات المعروفة لدينا لعائلة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون»، وبدأنا بمومياء صاحب اللغز وهو «توت عنخ آمون» نفسه، الذي لا تزال مومياؤه موجودة داخل مقبرته منذ أن كشفها هيوارد كارتر عام 1922م. ولا تزال مومياء الملك «توت» هي المومياء الملكية الوحيدة الموجودة داخل مقبرتها بوادي الملوك بالأقصر. وقد اعتاد هيوارد كارتر عندما كان كبيرا لمفتشي آثار الوجه القبلي أن ينقل أى مومياء لملك يعرف اسمه، وترك داخل المقابر بالوادي العديد من المومياوات المجهولة التي لا يعرف أسماء أصحابها. وهناك مومياوات شهيرة احتار العلماء في نسبها، ومنها مومياوات ثلاث داخل المقبرة الخاصة بالملك «أمنحتب الثاني» رقم (35) بوادي الملوك، ومومياوان لسيدتين بالمقبرة رقم (21) بالوادي نفسه.

وقد تأكدنا أن المومياء الموجودة داخل المقبرة رقم (60) تخص الملكة الشهيرة «حتشبسوت»، وذلك من خلال الدراسة التي قام بها الفريق المصري لدراسة المومياوات الملكية، وهناك مومياوات أخرى موجودة بمقبرة الملك «سيتي الثاني». أما السر الذي جعل هيوارد كارتر يترك مومياء «توت عنخ آمون» داخل المقبرة ولم ينقلها إلى المتحف المصري مثل باقي المومياوات، فيمكن الكشف عنه بسهولة بمجرد النظر إلى مومياء الملك «توت عنخ آمون» فعلى الرغم من اكتشافها سليمة وفى حالة حفظ ممتازة، فإنها دمرت إلى حد بعيد بمجرد أن تعامل معها هيوارد كارتر وقطعها إلى 18 قطعة، وذلك عند محاولته فك لفائف المومياء ونزع القناع الذهبي الموجود على وجه الملك، إضافة إلى التمائم والحلي الذهبية الموجود على جسم المومياء. في البداية لم يستطع هيوارد كارتر نزع القناع الفريد من على وجه الملك، حيث كان ملتصقا تماما بالوجه بسبب قيام المحنطين الفراعنة بإغراق المومياء بالزيوت الراتنجية، وهى زيوت صمغية سوداء اللون أدت إلى التصاق القناع بالوجه وصعوبة فصلهما عن بعض بعضا. حاول كارتر في البداية تعريض المومياء للشمس على أمل إذابة هذه الزيوت الراتنجية ولكن من دون جدوى، ولم يجد أمامه سوى القيام بخلع القناع باستخدام أدوات حادة بعد وضعها على النار، وقد أدى ذلك بالطبع إلى تشويه مومياء الملك فقرر بقاءها داخل المقبرة. ودائما ما أذكّر نفسي أن ما حدث لمومياء الملك أدى إلى بقائها في المقبرة، وهى بالطبع رغبة الفرعون «توت عنخ آمون» وكل الفراعنة الذين بذلوا كل ما في وسعهم للاستعداد للعالم الآخر وبقاء مومياواتهم في مقابرهم إلى الأبد، لكي ينعموا بالأبدية في العالم الآخر.

ولمعرفة عائلة الملك «توت عنخ آمون» بدأنا الحصول على عينات الـ«DNA» للمومياوات التي نعرف أصحابها، وهى مومياوات «يويا» و«تويا»، أبو وأم الملكة «تي»، وذلك لكي نعرف من خلال العينة أين توجد مومياء الملكة «تي» زوجة الملك «أمنحتب الثالث»، وحصلنا على عينات من مومياء الملك «أمنحتب الثالث» لكي نحدد هل هو والد الملك «توت عنخ آمون» أم جده؟ وكذلك تحديد ماهية المومياء الموجودة بالمتحف المصري التي عثر عليها بالمقبرة (55) بوادي الملوك؟ ومن خلال ذلك يمكن تحديد العلاقة بين هذه المومياء وكذلك المومياوات الأخرى، بل ويمكن كشف العديد من الأسرار الخاصة بأسرة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون»، خاصة بعد أن تأكد لنا أن العينات التي حصلنا عليها من المومياوات سوف تساعدنا للكشف عن الغموض الذي يكتنف هذه الأسرة التي يهتم بها العالم في كل مكان..