الراحة بالذوق أو بالقوة!

TT

بعض الناس عندما يأخذون إجازة يذهبون إلى مكاتبهم! يذهبون لا يعملون.. ولكن يقابلون الناس ويتحدثون إليهم.. ويدخلون غرفة ويخرجون.. وأحيانا يتطوعون بالعمل أو مساعدة بعض الزملاء.. ويكفى شعوره بأنه يرى مكتبه ولا يجلس عليه.. يرى الدوسيهات تتكدس ولا يقترب منها. ولا يشعر بأنه من الضروري أن يقلبها. فحريته هي أن يذهب إلى نفس الأماكن ونفس الأشخاص، ثم يغمض عينيه ويمضي عائدا إلى البيت.. هذه هي الإجازة!

وكأنه واحد ارتكب جريمة، ثم راح يدور حول مكان الجريمة. والحقيقة أنه ارتكب جريمة في حق نفسه وفى حق عقله وأهله. فمن الضروري أن يسترخي.. أن يمدد رجليه. أن يغمض عينيه.. أن يستدعي النوم وأن ينام. هذا حق له وحق جسمه عليه، وحق عقله عليه، فإذا فعل استراح. وإذا استراح كان أهدأ في بيته وبين أهله. وإذا استراح في البيت وبين الناس عاد إلى عمله أقدر على أداء الواجب وخدمة المواطنين وهذا هو المطلوب..

المطلوب أن يكون أقدر على أداء الواجب وأن يكون أصح نفسيا وجسميا.. والعقل السليم في الجسم السليم.. أي إذا كان الجسم سليما، صار العقل أيضا. وكما أن العمل ضروري فالراحة منه ضرورة أيضا. والذي لا يستريح بالذوق سوف يستريح بالقوة، أي سوف يضطره المرض إلى أن يلزم الفراش.. ولكن إذا عمل واستراح، فليس في حاجة إلى أن يذهب إلى الطبيب.. إلى المستشفى.. وتكون الإجازة مرضية، بدلا من أن تكون حتمية وتكون الراحة بالأمر.. بالقوة.. وإلا ساءت صحته وساءت نفسه وارتبك عقله.

والرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال لنا: إن لبدنك عليك حقا. ومن حق البدن أن نريحه.. فإذا استراحت العضلات استراحت الأعصاب أيضا.. والإنسان عضل وعصب وخيال. وكلها تعمل معا، وضد بعضها البعض.. ولكن الإنسان العاقل مثل العازف على العود وعلى البيانو.. أي هو الذي يحسن العزف.. ويكون العزف منسجما.. وهو ينسجم إذا كانت نوتة موسيقية.. والنوتة الموسيقية التي هي متعة الجميع! كيف؟ إن لم تكن قد جربت فعليك أن تجرب.. فلا يزال هناك وقت!