الحمد لله أنني لم أكن لا هذا ولا ذاك

TT

يتعرض الإنسان بين الحين والآخر لمواقف محرجة لم يفكر بها أو يحسب لها حسابا.

منها ما ذكره لي أحدهم، وهو موظف بسيط في إحدى الشركات وقال لي:

استدعاني مدير الشركة وكلفني بشراء آلة تسجيل، وذهبت إلى المعرض واخترت آلة معينة، وأخذ البائع يجربها أمامي وهو ينصحني بعدم شرائها لأن موديلها قديم، وأن الموديل الجديد سوف يصل بعد أسبوع واحد ويطلب مني ألا أتعجل بالشراء، فقلت له: إنني لا أستطيع أن أتأخر، فلدي مدير لجوج معقد أحمق لا يفهم مصلحته ولا يعذر الآخرين.

واشتريتها وقدمتها للمدير بكل احترام.

وذهبت إلى مكتبي، وما هي إلا عشر دقائق وإذا بالمدير يخاطبني بواسطة (الإسبيكر) قائلا: يا فلان إذا أردت أن تتكلم عني مرة أخرى، تأكد من إيقاف آلة التسجيل أولا.

والغريب أن المدير لم يفصلني، رغم أن تكشيرته ما زالت تكشيرته.

قلت له: إن موقفك المحرج هذا يهون عن موقف رجل أرمل في الثامنة والسبعين من عمره، وقد روى لي حكايته عندما قال: إنني أجد عزائي وتسليتي في قط أربيه في داخل بيتي، وكثيرا ما رأيته يلهو أمام مرآة الحمام الكبيرة، ظنا منه أن هناك قطا آخر يلاعبه، وكلما حاولت أن ألتقط له صورة يكون قد أنهى حركاته وابتعد.

وذات يوم عندما خلعت كامل ملابسي ودخلت الحمام لكي أستحم، وإذا به يخربش ويلعب أمام المرآة، واستغللتها فرصة وأحضرت (الكمرة) بسرعة والتقطت له عدة صور بأوضاع مختلفة.

وكنت في قمة سعادتي وأنا ذاهب بالفيلم لتحميضه عند استديو التصوير.

وبعد يومين حان موعد استلامي للصور، فذهبت وأنا في شدة الحماس، وكنت طوال الطريق أفكر هل أبروز الصورة وأضعها في صدر المجلس، أم أهديها لحفيدي الصغير، أم أبعث بها إلى إحدى المجلات لتنشرها كنوع من الصور النادرة؟!

وعندما وصلت وجدت عدة أشخاص واقفين ينتظرون صورهم، وسألت المصور: هل الصور جاهزة، فأجابني وهو يضحك: نعم جاهزة ودخل لإحضارها، فقلت بفخر وزهو للأشخاص الواقفين: إنني سوف أريكم الآن صورا لم تخطر على بالكم من شدة طرافتها، وما أن أكملت جملتي هذه، حتى أتى المصور بالصور، فسألته قبل أن أشاهدها: هل أعجبتك؟!، فقال لي وهو يشدني بعيدا عن الواقفين: أرجوك لا تحرجني، وما أن فتحت المغلف وشاهدت الصور حتى كاد يغمى عليّ، وإذا بي أشاهد نفسي معكوسا من المرآة (ربي كما خلقني)، إذ إنني من شدة حماستي لتصوير القط نسيت أنني كنت عاريا (ملط).

والمصيبة أن الواقفين اقتربوا مني يريدون أن يشاهدوا الصور كما وعدتهم، واستغربوا من رفضي القاطع لذلك.

فهرولت خارجا من شدة الكسوف، والغريب أن المصور لم يطالبني بدفع الحساب، ولكنني لن أنسى ضحكاته العالية وأنا أغلق باب الاستديو خلفي.

سؤالي (البايخ) ـ كالعادة ـ موجه للقارئ أو القارئة: ماذا سوف يكون شعورك ـ بصراحة ـ لو كنت في موقف صاحب القطة؟!

[email protected]