معارك حماس للإفساد على من؟

TT

نحن أمام ثلاثة تطورات في القضية الفلسطينية، أو بالأصح القضايا الفلسطينية؛ الحدث الأول: مؤتمر فتح الذي يوشك أخيرا على عقد أعماله استباقا للمفاوضات. ورغم محاولات حماس تعطيله عندما أخذت نحو 400 فتحاوي رهينة، بمنعها لهم من المشاركة في المؤتمر، إلا أنها ـ سواء نجحت أو فشلت في تخريب مؤتمر فتح ـ ستكون قد أساءت لنفسها أمام الرأي العام العربي.

والثاني: زيادة سرعة دوران آلة التشاور حول بدء المفاوضات، وهي تتجه بشكل إيجابي نحو استئنافها بين الفلسطينيين بقيادة السلطة الفلسطينية والإسرائيليين. والثالث، والأكثر أهمية: أن إسرائيل وضعت في موقف صعب لا تستطيع معه رفض التفاوض أو تعطيله لوجود أفكار بعقوبات عليها. فالجانب الأوروبي يطبخ مفاجأة كبيرة، يخطط للإعلان عن اعترافه بدولة فلسطينية إن تلكأت حكومة بنيامين نتنياهو في استئناف المفاوضات. والأهم أن الطبخة الأوروبية لا تثير غضب إسرائيل فقط، بل ستفتح تاريخا جديدا للشعب الفلسطيني لأنها ستصبح دولة شرعية. فالأوروبيون يريدون نقل المعركة إلى الأمم المتحدة، وتقديم مشروع بإعلان دولة فلسطينية من هناك، تماما كما حدث لإسرائيل في نوفمبر عام 1947 عندما رفض العرب، فجرى نقل النزاع إلى الأمم المتحدة وجرى التصويت على التقسيم، فصار لليهود دولة بتأييد أغلبية أعضاء الأمم المتحدة حينها 33 عضوا، واعتراض 13 وامتناع عشر دول. التاريخ قد يعيد نفسه.

بالتأكيد، الأوروبيون لن يفعلوها بلا تنسيق مع الجانب الأميركي، ولن يقبل الأميركيون استعجال إقامة دولة فلسطينية هكذا إلا إذا تمادى نتنياهو في تعطيل التشاور ولاحقا التفاوض. وبكل أسف من يخفف الضغط الدولي على الإسرائيليين هم قادة حماس الذين يفتعلون المشكلة تلو الأخرى للتخريب على السلطة الفلسطينية، في الوقت الذي بات فيه الإسرائيليون حذرين جدا في التخريب على السلطة الفلسطينية لأنهم يخشون خطورة التسريع بإقامة دولة عدوة، فمن الأفضل لهم أن تقام في إطار التفاوض والتنازلات لا في غرفة ولادة قيصرية في نيويورك.

لماذا تريد حماس افتعال المعارك ضد السلطة، وآخرها بمنع أعضاء فتح في غزة من أن يذهبوا للمشاركة في مؤتمر يخص الفتحاويين؟ عملية الحجر عليهم تبدو مماثلة لاختطاف الجندي شاليط الذي أضر خطفه الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين، ونفذ لأسباب أخرى لا علاقة لها بالفلسطينيين.

ستنجح حماس في تخريب كل هذا البناء الدولي إن أرادت تخريبه سواء من أجل مطالبها الصغيرة، أو انصياعا للمطالب الخارجية، وبذلك ستخدم أيضا حكومة نتنياهو التي لا تعرف كيف توقف قطار المبعوث جورج ميتشل. ولو نجحت حماس فهي ستفسد على الشعب الفلسطيني، ولن تكسب في معركتها مع السلطة في رام الله، وسيضحي بها حلفاؤها غدا في أول مصالحة إيرانية أو سورية.

[email protected]