رصاصة في القلب

TT

يقول المثل إن الجوعان يحلم بسوق الخبز. وهذا هو ما ينطبق على أحوال المتزوجين هذه الأيام. نصف الزيجات في العالم ينتهي بالطلاق.. ومع ذلك يظل المذياع يلعلع شرقا وغربا بأن كل ما يحتاجه الفرد هو الحب والحب ولا شيء غير الحب.

هذا الحلم يتلاشي إلى العدم في أبحاث بروفيسورة أميركية اسمها هيلين فيشر أستاذة علم الوراثة في جامعة نيويورك. وعلى الرغم من انها لا تنكر وجود الحالة: حالة الحب التي يصاحبها تسارع ملحوظ في دقات القلب وانعدام وزن يكفي لإيهام المحب بأنه طاف على السحابة السابعة، تؤكد أن هذه المشاعر اللذيذة تتراجع في ظرف عامين أو ثلاثة أو اربعة على الأكثر. وتنصح بأن العاقل لا يضع كل البيض في سلة الكيمياء العاطفية فقط. وتقول بأن هناك خطوطا واضحة لخارطة الطريق إلى الثبات والنبات بعد أن تتراجع قيمة أسهم العشق والنجوى في بورصة القلوب.

أول تلك الخطوط هي أن يمشي العقل إلى جوار القلب في كل خطوة. وبعد دراسات احصائية في كل من الولايات المتحدة وكندا شارك فيها اكثر من 20000 زوج وزوجة، تبين أن دوام الحال من المحال إلا إذا توفرت شروط سبعة في العلاقة بين الشريكين.

ـ استعداد طرف لسماع وجهة نظر الطرف الآخر.

ـ وجود اهتمامات مشتركة وممارستها في أوقات الفراغ.

ـ إذا اختلفت وجهات النظر يبقي الحوار من دون تلبيخ.

ـ المشاركة في صنع القرارات المالية.

ـ الإحساس بالإشباع في العلاقة الحميمة.

ـ التنازل عن العناد عند الضرورة.

ـ احترام فكر الشريك واستيعاب طريقته في فهم الأمور.

تلك هي لائحة الشروط. لكن هل يؤمن لك الالتزام بها كل النجاح؟ لا. لأن الحذر لا يمنع القدر. فالإنسان تحكمه أدواته النفسية وقراراته وانفعالاته. وحين يقع في الحب يتصور انه مستعد لتحمل اي شيء في سبيل هذا الحب.

بالأمس سمعت قصة عربي وعربية من دولتين مختلفتين. اشتعل الحب بينهما فاتفقا على الزواج. وفي اثناء الخطبة اكتشف الشاب انه مصاب بالسرطان. فصارح محبوبته واقترح ان تفسخ الخطبة. لكن الحبيبة أبت أن تتركه بعد ان أمسك الحب بتلابيب القلب واحتل كل شبر في المهجة والوجدان. ورجته ان يسارع بإتمام الزواج. تزوجا وعاشا معا سنوات، وسعد كل منهما بالآخر إلى حين. واكتفت بأن تشعر وهي معه بأنها وفرت له كل ما يمكن ان توفره زوجة محبة لزوج حنون. لكن المرض اللعين لا يرحم ولا يلين. وحين اشتد هجومه أدركا أن النهاية باتت قريبة فانتقل إلى المستشفى وهي إلى جواره تسهر على راحته وتبتسم في وجه الألم. وفي احد الايام وصلت إلى المستشفى وفوجئت بأن اهل الزوج اصدروا تعليمات إلى المستشفى تمنع الزوجة من زيارة زوجها.. وقبل ان تفيق من الصدمة قدم لها شقيقه وثيقة طلاق تتطلب توقيعها وخيرها بين أن توقع ويسمح لها بقضاء الأيام الأخيرة مع الرجل الذي احبت أو ترفض التوقيع فتتلقفها رصاصة من مجهول تحت جنح الليل. فقد عز عليه ان ترث الزوجة الأجنبية ربع ثروة أخيه بعد وفاته.

لو كنت مكانها هل توقع أم ترفض؟ أي القرارين يدل على الحب؟ ولو عاد الزمن إلى الوراء، هل كان يمكن ان تنصت تلك الفتاة لصوت العقل؟