القابعة في خدرها

TT

اشتهر الرجل العربي قديماً (بفراسته) التي لا تضاهيها فراسة في معرفة النساء (ونخلهن).

ومما قرأته عن شيخ طاعن بالسن ومشارف على الفناء، أنه استدعى اثنين من أبنائه، الأول واسمه عمرو والآخر ربيعة، ـ ويبدو أن هذين الابنين لهما باع طويل إما في مطارحة النساء أو في ملاعبتهن بالتي هي أحسن ـ

فقال للأول: أخبرني يا عمرو، أي النساء أحب إليك وأيهن أبغض؟!

فقال: أحب النساء إلي هي: الهركولة اللفاء، الممكورة الجيداء، التي يشفي السقيم كلامها، ويبرئ الوصب إلمامها، التي إن أحسنت إليها شكرت، وإن أسأت إليها صبرت، وإن استعتبتها اعتبت، الفاترة الطرف، والطفلة الكف، والعميمة الردف.

وأبغضهن عندي هي: القتّاتة الكذوب، الظاهرة العيوب، الطوّافة الهبوب، العابسة القطوب، السبّابة الوثوب، التي إن ائتمنها زوجها خانته، وإن لان لها أهانته، وإن أرضاها أغضبته، وإن أطاعها عصته.

ثم التفت الأب إلى ابنه الثاني يطلب منه نفس الطلب.

فقال ربيعة: أحب النساء إلي هي: الفتّانة العينين، والأسيلة الخدين، والكاعبة الثديين، الرادحة الوركين، الشاكرة للقليل، المساعدة للحليل، الرخيمة الكلام الجماء العظام، الكريمة الأخوال والأعمام، العزبة اللثام.

وأبغضهن عندي هي: السليطة اللسان، المؤذية للجيران، الناطقة بالبهتان، التي وجهها عابس، وزوجها من خيرها آيس، التي إن عاتبها زوجها وترته، وإن ناطقها نهرته.

الواقع أنني عندما قرأت هذا التوصيف الجامع المانع من هذين الابنين المحترفين، أصبت بنوع من الإحباط، وتأكد لي أنني ما زلت تلميذاً صغيراً لا أفقه في علم النساء إلا أن أتهجى الحروف الأبجدية بكل صعوبة.

وقد حكيت ما قرأته لأحدهم وطلبت منه بكل أدب أن يفسر لي بعض الكلمات التي لم أفهمها لكي ازداد ثقافة في هذا المجال الحيوي، وسألته عن معنى كلمة (الهركولة)؟! فقال إنها الحسنة الجسم، وسألته: طيب (والممكورة) ؟! قال: الحسنة الخلق، وسألته: (والقتّاتة)؟! قال النّمامة، ثم سألته: (والهبوب)؟! قال الشديدة الانتباه. شكرته على تفسيراته، وزيادة مني في شكره قبلت طرف أنفه وذهب.

وبعد أن افترقنا ندمت لأنه غاب عني أن أسأله كذلك تفسيراً (لعميمة الردف) هذه من تكون؟! وكذلك (لكاعبة النهدين)، و(الرادحة الوركين)، و(جماء العظام) أيضاً.

ووالله ثم والله إنه لن يهدأ لي بال، ولن يحلو لي منام، إلا بعد أن أعرف التفسير المنطقي لهذه الاصطلاحات (الرومانسية)، ليخف جهلي ويزداد علمي وشغفي كذلك، لأن هذه بعض من تراثنا الخالد الذي نتفيأ تحت ظلاله، فكيف لا أكون أميناً على هذا التراث؟!

وهو التراث الذي لم يترك لا شاردة ولا واردة في المرأة إلا وخاض فيها بكل فروسية، ابتداء من عينيها، وانتهاء بأصابع قدميها.

والحق يقال إن مطالب الرجل العربي (النموذجي) للمرأة ـ حفظها الله ـ مطالب سهلة وقنوعة، فهو لا يريد منها إلا أن تظل فقط (قابعة في خدرها) تلبي احتياجاته و(حقوقه الإنسانية).

[email protected]