الحلوى الإمبريالية

TT

ماذا يتغير في حياتنا إن عرفنا طعم الشوكولا أم لا؟ طبعا لا شيء. وهذا سؤال بورجوازي رجعي إمبريالي، لأن الشوكولا جزء من فنون الاستعمار ومن صادراته وأكبر شركات بريطانيا وسويسرا هي التي تصنع الشوكولا وتلهي به أطفالنا عن لذة الشظف وعظمة الفقر وذل الحاجة.

تصورت أن أطفالا كثيرين في هذا العالم ورجالا كثيرين لم يعرفوا طعم الشوكولا. الرغيف أهم بكثير. والشبع أجمل مع طعم السكر. لكنني لم أكن أتخيل أن أمة بكاملها لم تتذوق مرة واحدة طعم الشوكولا على يد الزعيم المبجل كيم إيل سونغ. فعندما لا تغامر أمة بتذوق حبة شوكولا فهذا يعني أن الخبز عندها مقنن والحليب نادر والشيء الوحيد المتوافر هو صورة الزعيم المحبوب.

لذلك تحكم كوريا الشمالية بعشرين سنة سجنا على الصحافي الذي يحاول دخول أرضها من دون أن يسلم أمره لمراقبيها من لحظة وصوله إلى المطار حتى لحظة خروجه سالما. مصور بلجيكي استطاع الدخول تحت غطاء مذهل. ادعى ـ بسبب شهرة بلاده في ذلك ـ أنه صانع شوكولا وسوف يستطلع إمكانية تعرف شمال كوريا إلى هذا الشيء الغريب الذي تكلف القطعة منه 10 سنتات!

جال المصور في أنحاء البلاد يلتقط الصور تحت أعين «مرافقيه». رأى طرقات سريعة طويلة عريضة ولكن لا سيارات تمر عليها. فقط سيارة كل عشر دقائق. طبعا في ساعات الازدحام. ولكن هناك الكثير من اليورانيوم. وقد أعلنت بيونغ يانغ قبل فترة أنها بدأت بتخصيبه.

إذن؟ يورانيوم كثير ولتذهب الشوكولا إلى الجحيم. ولكن من تريد أن تضرب على وجه التحديد؟ يقول صحافي عسكري روسي إن كل أسلحة كوريا الشمالية مهترئة من أيام الصداقة السوفياتية، وإنها لا تستطيع الصمود لحظة أمام التسلح الكوري الجنوبي، فكيف إذا أضيف إليه سلاح القواعد الأميركية هناك؟

أخطر مشاهد العالم الآن يبدو مضحكا. مزاح ثقيل ومخصَّب. دولة عاجزة عن رد المجاعة تكلف مذيعتها التلفزيونية الجميلة أن تصرخ بصوت عال أن التخصيب قد بدأ. أما الذي لم يبدأ بعد فهو السماح بخصوبة الولادات. ليس فقط لعدم توافر الحلوى البورجوازية المعروفة بالشوكولا بل لعدم توافر ما يكفي من الدقيق.