العلاقة الرسمية مع إيران

TT

السلطان قابوس بن سعيد هو أول زعيم عربي يبحر في زيارة رسمية إلى إيران، عبر مينائها بندر عباس المجاور لدولة عمان، في نفس الوقت الذي يتوج فيه أحمدي نجاد رئيسا. لم تمنعه من السفر أزمة طهران الخطيرة. ومن المتوقع أيضا أن تبعث معظم الحكومات العربية رسائل تهنئ فيها نجاد بالكرسي الرئاسي مع أنه يهتز بسبب ارتفاع أصوات التكبير المضادة، والاحتجاجات، والتحدي العلني من قيادات الثورة وعامة الناس.

طبعا ليس متوقعا أن تقاطع الأنظمة الرسمية العربية الرئيس المعين حتى، وإن حاول نجاد تسخير التهاني ضمن دعايته الداخلية لإقناع مواطنيه بشرعية نظامه. هذه بروتوكولات رسمية، وتلك أحداث داخلية، وكل دول المنطقة تحرص على عدم تبني موقف رسمي يخرج عن قواعد اللياقة، فهي ليست مضطرة أن ترسل للرئيس الورود لكنها لا تستطيع أن تمتنع عن إرسال بطاقة تهنئة، وإن كانت المشاعر العربية العامة تتضرع بأن تنشغل السلطات الإيرانية بحرائقها حتى تكف عن إشعال المزيد من الحرائق في المنطقة.

ومن تابع العلاقات العربية الإيرانية في ذروة احتجاجات الشارع وارتباك المؤسسة الرسمية، يلحظ أنه لم تنقطع المراسلات بين النظام الإيراني والأنظمة العربية. فهي هنأت نجاد في بداية الإعلان عن فوزه، ثم عزته في وفاة ركاب الطائرة التي تحطمت بعد ذلك، ومن المتوقع أن تستمر علاقاتها، كالمعتاد، من خلال سفرائها واجتماعاتها وزياراتها المجدولة، كما فعل سلطان عمان.

وبعد أن تنتهي الحفلة الرئاسية ستعود الحكومة الإيرانية إلى عملها المعتاد، وهي هنا أعمال غير عادية على الإطلاق، مثل مواجهة التمرد الداخلي والضغوط الخارجية. ورغم أن معظم الحكومات في أنحاء العالم تدعي اللامبالاة وترسل برقيات التهنئة، فإنها تتمعن في تفاصيل الأحداث الصغيرة هناك، تحاول أن تستنتج لنفسها ما سيفرزه المستقبل القريب، بعد عام أو عامين. فإيران دولة مهمة على المستوى الدولي، نفطيا ونوويا وعسكريا. وإن تطورت الأحداث سلبا فأسعار النفط ستقفز إلى مستويات أعلى، وستربك اقتصادات العالم من جديد، وستضع الأزمة كل الخطط السياسية، وربما العسكرية، مع إيران في الثلاجة في انتظار النتيجة. ومن يدري كيف ستكون النتيجة وما تكون عليه المنطقة حينها. فإن استطاع نجاد أن يكمل شهره الأول مسيطرا على الأوضاع الداخلية يكون قد استحق التهاني من الأصدقاء والأعداء، مع أن شهر عسل لا يعني حتما أن بقية الأشهر بنفس المذاق.

ندرك أن شعبية المعارضة حقيقية في إيران، وأن لاعتراضاتها صدى كبيرا، وتمثل المعارضة كل فئات الشعب إلا أنها حركة مخملية، ثورة شارع لا تملك قدرة التغيير في وجه نظام يهدد علانية بأنه سيستخدم سبعة ملايين مسلح من رجاله لقمعها.

[email protected]