جائزتي الكبيرة الحصرية

TT

عندما اتصلت بي لجنة بوليتزر لتخبرني بفوزي بالجائزة لكوني كاتب العمود الوحيد، أو كاتب الآلة الكاتبة، الذي لم يجر حوارا حصريا مع باراك أوباما، كنت مذهولا. كان علي التحقق فعلا من أنني لم أجر حوارا حصريا مع الرئيس، وإذا كنت قد فعلت، فما الذي قاله، وإذا لم أفعل، وهو ما حدث فعلا، فكيف حدث ذلك.

وراجعت سجلاتي ومذكراتي واكتشفت أنه سنحت أمامي العديد من الفرص لإجراء حوار حصري مع الرئيس، ولكن فقط بعد أن أجرى معه حوارات حصرية جميع كتاب الأعمدة والمدونين، وبالطبع كبار مذيعي جميع الشبكات ومنها الكابل، العادية والمميزة. وأوضحت مراجعة السجل أن الرئيس في الغالب لا يقول شيئا تقريبا، وفي الحقيقة وصلت الأمور إلى درجة أنني عندما أشاهد أوباما على شاشة التلفزيون، أسرع بالانتقال إلى قناة أخرى، حتى وإن كانت تعرض إعادة لبرنامج «موري بوفيتش». وأخيرا شاهدت أندرسون كوبر، الذي أجرى حوارا مع أوباما في أفريقيا أو مكان مماثل، وبعد ملاحظة كم يبدوان متأنقين، سريعا ما انتقلت إلى قناة «أنيمال بلانيت». وكنت أعرف أنه لم يفتني أي شيء مهم.

وبالنسبة لشخص في عمري، كان ذلك تغيرا كبيرا، أو ربما خطا فاصلا بل مثل إعصار تسونامي. كانت هناك فترة كنت لأقفز فيها لدى أي فرصة لإجراء حوار حصري مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية وكنت أتابع باهتمام شديد أو قلق بالغ إذا ظهر على الشاشة. وكان الأمر يعني الحرب أو الرقابة على الأسعار أو ربما رفض الترشح لفترة ثانية. لقد كان الرؤساء شخصيات مذهلة، ومجرد إجراء حوار مع أحدهم كان كافيا للفوز بجائزة بوليتزر.

وفي الحقيقة، لم أسع إلى إجراء حوار حصري مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية لأنني أردت أن أكتب عن شيء يجذب الملاحظة وأيضا لأنني خشيت إذا أجريت حوارا حصريا أن يكون من المتوقع أن أسأله عن برنامج إصلاح الرعاية الصحية، والذي لا أعرف عنه شيئا تقريبا. ولا يوجد أسوأ من ذلك، على الرغم من قراءة ست صحف يوميا، ومشاهدة جميع البرامج الإخبارية على الكابل، وبرامج الشبكات الإخبارية و»نيوز أور»، والاتصال بالإنترنت طوال اليوم، إلا أنني لم أتمكن تماما من فهم ما يريده الرئيس من برنامج الرعاية الصحية. وأفترض أن ذلك كله خطأي، حيث أعرف كل شيء تقريبا من قراءة بريدي الإلكتروني.

وعلى حد علمي، حول الرئيس برنامج إصلاح الرعاية الصحية إلى 24 لجنة في مجلس النواب وحوالي 8 أعوام في مجلس الشيوخ، وأنها جميعا خرجت بخطط للبيع إلى القطاع الخاص وفي الوقت ذاته تعميم الدواء في المجتمع. وهي أيضا حزبية وغير حزبية وتجمع بين الحزبين (لا تسأل ولا تجيب)، وفي نهاية اليوم يمل منها العقل. وأنا هنا أفكر خارج هذا القالب.

بالنسبة لي، يبدو برنامج إصلاح الرعاية الصحية مثل قضية الصواريخ المرتدة، وعلى وجه التحديد الخلافات من عصر ريغان حول صواريخ SS-20، ناهيك عن وزن رؤوس الصواريخ، التي تزن بالكيلوغرام أو الطن المتري. وكان من المتوقع أن أعرف شيئا عن مثل تلك الأمور، حيث أنني كاتب عمود في واشنطن وكل ذلك، ولكني لم أستطع مطلقا حفظ المصطلحات والأرقام اللعينة. وكنت أدرس الأمر وأتحدث مع الخبراء وأقرأ التقارير، وأكتب المقال المطلوب، ثم أنسى كل ذلك. فقد انهار الاتحاد السوفياتي على أي حال.

وحاليا ها هي قضية الرعاية الصحية. بصفتي دافع ضرائب أعزب (فعليا مطلق)، لا يمكنني أن أعرف لماذا لا يتوسع أوباما ببساطة في برنامج الرعاية الصحية، ويخفض الحد الأدنى للسن المستحقة حتى تتم تغطية الجميع. كان ذلك سيتطلب انعقاد لجنة واحدة في مجلس النواب وأخرى في مجلس الشيوخ ومؤتمر صحافي واحد. وكان سيقدم التأمين الصحي للأميركي الوطني العادي، ويبعد أوباما عن التلفزيون. ويعرف ذلك بتحقيق الفوز للطرفين.

ومن حسن حظي أن ذلك لم يحدث، لذلك أصبحت أتجنب ذلك الاتصال من البيت الأبيض لدعوتي لقضاء يوم مع الرئيس حصريا، وإجراء حوار حصري معه، أو التدخين معه في غرفة الاجتماعات، وسيكون من الصعب رفض تلك الدعوة الأخيرة. سأحصل على جائزة بوليتزر لأنني الوحيد الذي لم أحاور الرئيس. وقد أصبح ذلك إنجازا حصريا.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»