حماقة قوانين جرائم الكراهية

TT

يبدو أن جيمس فون برون الذي أطلق النار وقتل حارسا في متحف هولوكوست ميموريال أحد المتعصبين المعروفين. فقد قالت زوجته السابقة إن كرهه للسود واليهود «كان يأكله مثل السرطان» ولذا يبدو أنه بالإضافة إلى إدانته الأسبوع الماضي بالقتل وانتهاك قوانين حمل السلاح، فإنه قد اتهم كذلك بجرائم كراهية. وببلوغه سن الـ89 عاما فإنه يدلل على أنه لا حدود للسن التي يتوقف عندها المرء عن الكراهية.

كما يدلل كذلك على غباء قوانين جرائم الكراهية. ومن التبريرات البديهية لمثل هذه القوانين أن بعض الجرائم تؤثر بالفعل على طبقة من الناس. ويجعل قانون جرائم الكراهية الذي وافق عليه مجلس الشيوخ أخيرا، الأمر على هذا النحو: «إن إحدى الصفات البارزة في جرائم العنف التي يدفع إليها التعصب، أنها لا تدمر الضحية الفعلية فقط.. لكنها تضر كذلك بالجماعة التي تشترك في تلك الخصائص التي اختيرت الضحية من أجلها». لا شك في ذلك. ولكن كيف يمكن أن تكون هذه الجريمة مختلفة عن بقية الجرائم؟

أولا، لنفكر في «الجماعة» التي كان فون برون يحاول استهدافها. لقد اقتحم متحف الهولوكوست الذي يخلد ذكرى مقتل 6 ملايين يهودي على أيدي النازيين وحلفائهم. وربما لا يكون هناك رمز لليهود أكثر من ذلك المتحف. ولكن فون برون لم يقتل يهوديا فقط ولكنه قتل أميركيا من أصل إفريقي، حارس الأمن ستيفين تيرون جونس.

فما هي الجماعة التي تأثرت بمثل هذه الجريمة التي تبدو وكأنها هجوم انتحاري؟ هل كانت الجماعة اليهودية أم جماعة السود؟ حيث أن فون برون يكره الجماعتين، فربما يقول المرء إن الأمر لا يهم. ولكن حيث أعتقد أن كلتا الجماعتين لا تعطيان الأمر الكثير من الأهمية الآن، فإن الإجابة ربما تكون: إنه لم يستهدف «أيا من الجماعتين». فما الفائدة الآن من ذلك التركيز على جرائم الكراهية بسبب ما قام به فون برون؟ يبدو الأمر مثيرا حقا. فهو يواجه بالفعل ـ وقد بلغ من عمره 89 عاما ـ عقوبة السجن مدى الحياة، وربما عقوبة الإعدام.

إن الغرض الحقيقي لقوانين جرائم الكراهية هو طمأنة الجماعات المهمة من الناحية السياسية ـ مثل السود والهيسبانيك واليهود والشواذ، إلخ ـ حتى يهتم الجميع لأمرهم ويأخذوا مخاوفهم على محمل الجد. حسنا.. هذا أمر رائع. لكنه لا يغير الواقع والتفكير وأن ما تتم معاقبته هو الفكر أو الخطاب. لقد مات جون بغض النظر عما يعتقده فون برون. وعقوبة جريمة القتل قاسية، فلا يبدو الأمر إذن وكأن الجريمة قد مرت ولم تتم معاقبتها. وما قيل عن «ضربة متأخرة» لجريمة الكراهية، ليس له عواقب حقيقية، باستثناء أنه يسبق عقوبة الفكر أو الخطاب. فمن المفترض أن المنحدرات الزلقة حولنا، لكن هذا المنحدر هو من النوع الحقيقي.

لنفترض أن «الجماعة» قد تأثرت بالفعل بما ندعوه جريمة كراهية. أنا يهودي. وحتى مع هجوم فون برون، فإنني قد تأثرت أكثر بجرائم السرقة بالإكراه في المنطقة التي أعيش بها التي قد تمنعني من السير في الليل، عن تأثري بحادث إطلاق نار في متحف الهولوكوست. وإذا حدثت جريمة قتل في إحدى الحدائق، فإنني سوف أبتعد عنها لأشهر. وإذا كانت هناك حادثة اغتصاب، فإن السيدات لن يقرن هذه الحديقة. وإذا كانت هناك حادثة وحادثة أخرى، فإن النساء سيعلمن أن هناك مجرما طليقا. ومع ذلك فإن الاغتصاب ليس جريمة كراهية. لماذا؟

وأنا أشك في أن أي جماعة تكافح السكْر سوف تتردد في القبض على أي شاذ أو أميركي من أصل أفريقي أو يهودي بسبب أن ذلك السكْر جريمة كراهية. فإذا لم يرتدع هؤلاء بالعقوبات التقليدية ـ مثل السجن وغيره ـ فلماذا تردعهم العقوبات الإضافية؟ وإذا أبقوا على أفواههم مغلقة، فإنهم لن يتهموا بالكراهية، ولكنهم سيتهمون بجرائم قتل أو غيرها من الأشياء التافهة. وفي مقابل ذلك، إذا سمحوا ببعض الحرية لأفكارهم، فإنهم سوف يواجهون المشاكل بالفعل.

إن تشريع جرائم الكراهية هو مجرد مخدر لجماعات المصالح السياسية، وهو مجال آخر اختار فيه الليبراليون الذين يتسمون بالحساسية دائما للحريات المدنية، تهدئة الأمة على حساب الفرد.

وفي قضية فون برون، فإن عدد جرائم الكراهية لا يحصى. ولكي نقول إن تأثير ذلك الهجوم لم يكن محسوسا إلا وسط المجموعات اليهودية أو ذات الأصول الإفريقية ـ وليس وسط السياح العاديين على سبيل المثال في واشنطن ـ فإن ذلك يسوي بين الضحايا الحقيقيين والمفترضين. إنه نتيجة منطقية قد يفرح بها فون برون نفسه.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»