ما زالت هناك حرب في العراق

TT

لقد انتهت حرب العراق ـ بالنسبة لنا ـ ولا يعني ذلك أن الولايات المتحدة قد حققت النصر أو أنجزت كل أهدافها أو أن القتال بين العراقيين سوف يتوقف. ولا يعني ذلك، أيضا، أن العراق مستقر وديمقراطي ولا يعاني، إلى حد ما، من الفساد.

لقد انتهت الحرب بالنسبة إلى الولايات المتحدة لأن العراقيين لا يحتاجون بالفعل إلى القوات الأميركية، ولم يعودوا راغبين في وجودها. وفي كل مرة تخرج فيها القوات الأميركية مع نظيرتها العراقية في بغداد، فإنها تحط من شأن القوات العراقية في أعين شعبها. وهم يجعلون من مهمة شركائهم العراقيين مهمة أصعب. وعلى الرغم من أن كبار المسؤولين الأميركيين يفهمون ويقبلون هذه الحقيقة بصورة غير علنية، فإنهم لن يعترفوا بها على الإطلاق.

وخلال الأسبوع الماضي في بغداد، شحب وجه الجنرال، راي أوديرنو، وهو القائد الأعلى في العراق، عندما سأله أحد المراسلين عما إذا كانت الحرب في العراق قد «انتهت من الناحية العملية». فقال أوديرنو: «ما زال هناك مدنيون يقتلون في العراق، وما زال هناك أفراد يحاولون مهاجمة النظام العراقي الجديد ومهاجمة التحرك نحو الديمقراطية والمزيد من الانفتاح الاقتصادي، ولذا فما زال لدينا عمل لنقوم به».

وقد أعلن روبرت غيتس، وزير الدفاع، يوم الثلاثاء، في العاصمة العراقية عن أنه ما زالت هناك «أيام عصيبة قادمة» للقوات الأميركية والعراقية، حيث إن «أعداء العراق الحر ما زالوا يحاولون إعاقة التقدم».

وفي اليوم الذي تحدث فيه غيتس، أغارت القوات العراقية على معسكر المعارضة الإيرانية التي كانت القوات الأميركية تحميها على مدار السنوات الست الماضية. وقد كان لدى جماعة «مجاهدين خلق» هدف مشترك مع الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، لكن الحكومة العراقية الجديدة التي ترى في طهران حليفا في المستقبل قررت أنها لن تسمح لهم بالبقاء.

وقد رأى أوديرنو أن وظيفة الجيش الأميركي لم تكن التدخل في موضوع داخلي في جوهره. وقال: «إن هذا موضوع خاص بالعراقيين». وقد كان ذلك تغيرا كبيرا في خطابه منذ أن كان القادة الأميركيون يضغطون على الحكومة العراقية لكي تقيل، أو تغير، القادة الذين تعتقد أنهم غير مناسبين أو عنصريون. وفي وقت مبكر من اليوم نفسه، زار غيتس قاعدة «طليل» الجوية جنوب شرقي بغداد للحديث مع الجنود الأميركيين وقادة الشرطة العراقية، بينما كانوا يستعدون للتوجه إلى دورية مشتركة. وكانت القوات العراقية التي ترتدي الزي المموه تتجمع حول سيارات «الهامفي» الخاصة بها، وسط حرارة تصل إلى 115 فهرنهايت. وتجمع الجنود الأميركيون في مجموعة أخرى حول غيتس. وقد شكرهم رئيس البنتاغون على تضحيتهم وخدماتهم. وقال: «إن مهام التدريب والمشاركة التي تقومون بها هي الخطوة التالية في نجاحنا». وعلى بعد خطوات قليلة، كان الميجور سين كوستر يعترف بأن قوات الشرطة العراقية في المنطقة كافية، وأن جنوده كانوا يشعرون بالضجر إلى حد ما، وقد طلب العراقيون بعض المساعدة فيما يتعلق بجمع الأدلة والتحقيقات، وكان العراقيون يقومون بالدوريات والتحقيقات، مع بعض الإشراف المحدود، أو ربما من دون إشراف، من جانب القوات الأميركية. ويقول كوستر: «بأمانة.. يبدو أنهم يسيطرون على الوضع تماما».

وفي فترة بعد الظهيرة، استقل غيتس طائرة إلى بغداد، حيث التقى وزير الدفاع العراقي، عبد القادر محمد جاسم، في مقر القوات العراقية، وهو مبنى مكسو بالرخام وفيه مصاعد لم تعمل منذ الأيام الأولى للغزو الأميركي. وفي المؤتمر الصحافي الذي أعقب الاجتماع، كانت معظم أسئلة الصحافيين العراقيين موجهة إلى جاسم.

وقبل عامين فقط، لم يكن أحد يتوقع أن يستحوذ الوزير العراقي على معظم الاهتمام في مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي، فقد كان الجميع يعتقدون أن الأميركيين هم المسؤولون، وأن العراقيين كانوا موجودين من أجل وضع قناع عراقي على العمليات العسكرية للجيش الأميركي فقط.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»