كلاكيت صيف

TT

موسم الصيف هو الأكثر غزارة في الإنتاج السينمائي، وفيه جرت العادة أن يتم إطلاق «أهم» الأفلام فيه، وهذا الموسم ليس استثناء؛ فهناك بعض الأفلام القوية التي تقدم مواضيع لافتة تحاكي هموم المجتمع والمتغيرات الكبيرة فيه.

ولعل أبرز ما تم إنتاجه لهذا الموسم هو الأفلام التالية: أولا فيلم «احكي يا شهرزاد»، وهو فيلم جريء ومثير للجدل يقدم فيه تفسير درامي عنيف ورؤية سياسية للجنس وقهر المرأة واستخدامه كأداة ووسيلة تحكم واستغلال داخل المجتمع من خلال شخصية إعلامية بارزة.

وهناك فيلم آخر هو «الفرح»، ومن خلال مشاهد فرح شعبي في حي شعبي يقدم الفيلم علاقة العامة البسطاء بالمال ومفاسده وقدرة الإنسان البسيط على اختيار المواقف الأنسب اجتماعيا وسط التحديات الصعبة المفروضة عليه. وهناك فيلم آخر لافت أثار الكثير من الجدل واللغط حوله لجرأته الكبيرة في الكشف عن «عشوائيات» الحياة عموما وانحدار المستوى الأخلاقي تحديدا.. والفيلم المقصود هو «دكان شحاتة». والدكان هنا يرمز لبلد مشتت ومجتمع ممزق يتهافت على الاقتتال عليه مختلف الطبقات والأقارب والمحاسيب والأنصار فيباع للأغراب ويتفرق بسبب ذلك أصحابه وأهله، والفيلم مليء بالمشاهد المقلقة والمفزعة.

وهناك فيلم «إبراهيم الأبيض»، وهذا الفيلم يحتوي على كم غير مسبوق من العنف والدماء ويصور عالما مفزعا وحياة سفلية مرعبة ودنيا موازية بحكم الغاب والبقاء فيه للأكثر وحشية، الجريمة فيه تسود والأخلاق تموت.

هذه الأفلام تأتي بمثابة الموجة الثانية التي تلي أفلام «حين ميسرة» و«هي فوضى» و«كباريه» و«الريس عمر حرب» والتي لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا بسبب دخولها مناطق ملغومة وغير مسبوقة في المجتمعات وتعرضها لمواضيع محظورة جدا هي بالتالي تستمر في التعرض بجرأة بالغة لعلل اجتماعية خطيرة وتوجه الإنذار المدوي بحجم المشكلات الموجودة من فساد واستشراء الجريمة والعشوائيات في كل المسائل والإرهاب والانحلال الأخلاقي بأبشع وأحقر صوره وبشكل لا يمكن نقله إلا عن طريق السينما لأن الكلمة مهما كانت مكتوبة بمهارة لن تتمكن من نقل ذلك الأمر بالتأثير المطلوب والنتيجة المرغوبة.

السينما هذا الصيف تقدم كما ترفيهيا جيدا ومهما بالإضافة إلى بعض الأفلام الكوميدية الخفيفة، ويحسب لهذه الأفلام تحسن مستوى التقنية الموظفة فيها وتطور مهارات وأسلوب التصوير وكذلك الإخراج مع عدم إغفال النجاح الكبير للمؤثرات الخاصة والمكياج والموسيقى.. وجميعها تساعد على تكوين «حبكة» سينمائية مهمة لعكس الواقع اليوم.

ويحسب للسينما تفوقها اللافت هذا الصيف على حساب الكتابة، فالصيف كان خاليا من أي إصدارات لافتة وناجحة باستثناء بعض الإصدارات المحدودة لعل أبرزها هو عودة أحلام مستغانمي بروايتها «نسيان.com» بعد غياب لأكثر من أربع سنوات.

نعم السينما هي لأجل الترفيه في المقام الأول، ولكن الأفلام القوية تقدم فرصة لإبراز مشكلات اجتماعية بشكل «مستفز» و«قوي» وهذا لغرض التفاعل والتحرك لعمل «شيء» حتى لا يبقى الوضع كما هو عليه.

كل صيف وأنتم بخير!

[email protected]