الحقائق المحضة حول قضية الاستقلال بمجال الطاقة

TT

ماذا يحمل الاسم في كنهه؟ بعض الخداع حسبما يتضح من قانون الطاقة النظيفة الأميركية وأمنها.

ربما يكون العنوان الأدق: قانون الطاقة النظيفة الأميركية ومستوى الأمن الأقل. ومن أجل التعرف على حقيقة نقائص هذا القانون الواقع في 1.400 صفحة الذي مرره مجلس النواب، علينا التعمق إلى ما هو أبعد من رمال القار في كندا. أما الذي ستعثر عليه حينئذ فلا يقل وحلا عن رمال القار.

يمكن إيجاز الفكرة العامة في القول بأنه كلما اعتمدنا على موارد طاقة صديقة للبيئة، تنامت احتمالات تراجع مستوى الأمن الذي ننعم به، بمعنى أنه إما أن نعتمد على موارد طاقة صديقة للبيئة أو أن نعتمد بدرجة أقل على واردات النفط القادمة من دول راعية للإرهاب. إلا أنه في ظل مشروع قانون الطاقة المطروح حاليا، لا يمكننا تحقيق الأمرين. بصورة أخرى يمكننا القول بأنه كلما فرضنا حدودا قصوى للمستوى المسموح به من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، زادت سعادة أصدقائنا السعوديين. ويرجع ذلك إلى أن معظم النفط الخام بالشرق الأوسط يسهل استخراجه ويتطلب معالجة أقل عن النفط الذي يمكن لنا ولجيراننا إنتاجه.

وإذا كنت، عزيزي القارئ، لا تدرك ذلك، فإن ذلك يعود إلى أن اجتماعات القمة التي تعقد بهذا الشأن تبعث في حقيقتها على الضحك. وفيما يلي استعراض عام لحقائق مشروع القانون الجديد.

يركز مشروع القانون بصورة رئيسة على المصادر الثابتة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون (مصانع إنتاج الطاقة والتصنيع)، بينما لا يبذل سوى قليل من الجهد لتناول المصادر المتحركة للانبعاثات.

نظرا لأن المصادر الثابتة الأميركية كافة تعتمد على الطاقة المحلية ـ الفحم والغاز الطبيعي والطاقة النووية والرياح والطاقة الشمسية والمواد العضوية، إلخ ـ لن يحقق مشروع القانون أي شيء تقريبا فيما يتعلق بتقليص واردات النفط أو الغازولين. يذكر أن المصادر الأجنبية توفر قرابة 70% من النفط المستخدم في إعادة تكرير الغازولين والديزل.

في الواقع، من المحتمل أن تتسبب القيود الجدية والتكاليف المرتبطة بها في ازدياد، وليس تضاؤل، اعتمادنا على دول أجنبية في مجال الطاقة.

الواضح أن السبيل الوحيد لتقليص اعتمادنا على هذه الدول يتركز في إنتاج أكبر قدر ممكن من النفط المحلي. لكن حتى إذا تم السماح بإجراء عمليات تنقيب في المحمية الوطنية للحياة البرية في القطب الشمالي، على سبيل المثال، فإن تكلفة استخراج النفط ومعالجته ستكون باهظة على نحو مفرط في ظل القيود الجديدة المرتبطة بالحد الأقصى المسموح به من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

ويتطلب مشروع قانون واكسمان ـ ماركي، حسبما يشتهر القانون، أن تقلص الولايات المتحدة الانبعاثات الكربونية بها إلى 17% أقل من مستويات عام 2005، وذلك بحلول عام 2020، وأقل بنسبة 83% بحلول عام 2050. وعليه، ينبغي أن نتوقف عن التظاهر بأن مشروع القانون الجديد سيعزز أمننا عبر تقليص الاعتماد على مصادر أجنبية.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»