يا الله.. لبنان بنفط!

TT

من دون نفط، وغاز، لم يسلم لبنان من أهله وجيرانه وأعدائه، فكيف إذا ثبت حقا أن أرض لبنان ليست جميلة وحسب، بل وتحتها نفط وغاز مثلما يتردد هذه الأيام، خصوصا أن الآمال قد ارتفعت في بيروت بعد إعلان إسرائيل عن اكتشاف للغاز؟

نعم، معنا كل الحق في أن نقول يا الله لبنان بنفط، فماذا سنقول للسوريين، وهم حريصون على الوصاية على لبنان بكل الأشكال، وماذا سنقول لحسن نصر الله الذي سيقول لخصومه ومؤيديه: ألم تقروا لنا بالتضحية في الجنوب؟ حسنا النفط والغاز في الجنوب، ونحن في الجنوب الآن!

لبنان بلا نفط هو واحد من أعقد الدول سياسيا، فكيف بلبنان نفطي، خصوصا وقد رأينا وسمعنا، تلك المعارك الطاحنة على أموال التبرعات التي تلقاها لبنان بعد حرب 2006، على الرغم من وعود المال الطاهر، وغيرها.

واليوم كل المؤشرات في إيران تقول أن لا مال طاهرا سيخرج بسهولة، كما أن أحد المسؤولين الخليجيين سبق له أن نقل للبنانيين ما مفاده أن الأزمة الاقتصادية عصفت بالجميع، وليس بإمكاننا أن نتبرع لكم أمام مواطنينا وأنتم في خصومة، وسجال، وحروب عبثية.

لكن اللافت في كل التصريحات، بل قل الاشتباكات اللبنانية حول النفط والغاز اللبناني، حتى قبل ثبوت صحة وجوده من عدمها، هو تصريح لمسؤول لبناني حول الجدل في التفاؤل أو التشاؤم، والإسراع أو الإبطاء في البحث عن الغاز والبترول، عندما قال تعليقا على إعلان إسرائيل عثورها على غاز طبيعي في شواطئ حيفا التي تشكل امتدادا للجنوب اللبناني، إن «إسرائيل مستعدة لبذل أي جهد لضمان استقلالها في الحصول على الطاقة لأنها تواجه المقاطعة العربية في هذا الإطار، أما نحن فوضعنا يختلف»، وهذا الوضع المختلف هو مشكلة لبنان بكل بساطة.

فالواجب هنا على الدول العربية المانحة، والمقرضة، والمساعدة للبنان وأيا كانت الأوصاف، أن تتعامل مع لبنان وساسته كما تتعامل الشركات في نظام الصرف والمحاسبة، فحتى يخرج بترول وغاز لبنان، والذي نتمناه لهم بكل تأكيد، فلا بد أن يكون لكل قرش يدفع تفحيص وتمحيص، وتدقيق، كما يقال.

فلا يعقل أن تتسابق الدول العربية في منح لبنان الأموال، ووضع البلاد معطل بلا حكومة، وإن وجدت فإن المماحكات لا تتوقف، وفوق هذا وذاك، يترك المجال لحزب الله في التسلح كيفما شاء، حتى نجد أنفسنا في حرب إلهية جديدة، وقبل أن يعاد بناء ما دمر من مساكن، أو قبل أن تسير السيارات على الجسور التي دمرت وتم بناؤها بأموال الدول المانحة.

تعاملوا مع لبنان ماليا، كما تتعاملوا مع أبنائكم، حيث لا إسراف، ولا تدليل زائدا، وحاسبوا على كل قرش، وذلك ليس بخلا أو منة، بل من أجل ضمان مصلحة بلاد بلا حكومة، ويوم كان لها حكومة احتجزت رهينة في مقرها الرسمي لمدة عام، وأكثر، لأن المختفي في الضاحية يريد أن يمارس حقه الديموقراطي في العصيان المدني.

ولذا حاسبوا لبنان إلى أن يظهر بترولهم وغازهم، وعندها ندخل إلى مرحلة أخرى من الصراع اللبناني.

[email protected]