إقليم الثقافة

TT

تطرح المناصب الثقافية، عندنا وعند سوانا، على أنها مسألة إقليمية. لذلك يفضل تناوب الهويات لا الثقافات. ومثلما يحدث لمنصب سياسي كالأمانة العامة للأمم المتحدة، إذ يوزع على القارات (ما عدا أوقيانيا) هكذا يعطى منصب مدير عام الأونيسكو مرة لرجل من أفريقيا ومرة لليابان، ومرة لا يعطى للعرب، مهما كان المرشح للمنصب يمثل الثقافة والآداب العربية، كما حدث مع غازي القصيبي.

الجدل القائم حاليا حول ترشيح فاروق حسني هو: هل قال حقا ما قاله عن الأدب العربي أم لم يقُل؟ وهذا من قبيل رفض مرشح طيار في الامتحان لأنه لا يجيد السباحة. والمسألة الحقيقية هي هل إن فاروق حسني هو أفضل عربي يرشح لقيادة الأونيسكو، حتى لو كان مصريا ووزيرا للثقافة في مصر؟ وما هي نسبة نجاحه الإدارية في منصبه الأبدي؟ وهل فاروق حسني فنان تشكيلي يؤهله الفن للمنصب، أم هو ذو سيرة ثقافية مهمة وذات أثر، تجعل من البديهي دعم الوزير المصري؟

لم يرشح بيكاسو مرة للأونيسكو. ونأمل ألا يكون وزن مصر الدولي هو الذي يخلط الأوراق ويضع الورقة الرابحة على السطح. وقد حالت الأهواء والأنواء العربية هذه المرة كالعادة، دون وصول بعض كبار المستحقين إلى مرحلة الترشيح. وفقط على سبيل المثال يجب أن نتذكر وزير الثقافة المغربي ذات مرحلة بهية، محمد بن عيسى، الذي جعل من قرية منسية على الأطلسي مهرجانا ثقافيا حضاريا دائما، وكذلك وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة، أحد أبرز أساتذة السوربون وكولومبيا.

يتظاهر العرب بأنهم ينسقون في كل شيء، وفي السر يخوضون المعارك بعضهم ضد بعض، ويخسرونها معا. والسؤال هل إن فاروق حسني هو أفضل مرشح لدى مصر، أم هي عادة النقل من المنصب المحلي إلى المنصب الدولي أو الإقليمي: بطرس غالي وعمرو موسى؟ لقد كان وزير ثقافة فرنسا ذات يوم رجلا بحجم أندريه مالرو، أو آخر بحجم جاك لانغ. فما هي القاعدة؟ لا قاعدة. اليابان لم ترشح أبرز كتابها بل أغمر إدارييها. وظل هو غمرا وغمر معه الأونيسكو.