هل يشبه أبطحي ماكمورفي في فيلم «وطار فوق عش المجانين»؟

TT

كان يوم السبت الموافق الحادي والثلاثين من يوليو (تموز) يوما لا ينسى، ليس في التاريخ الإيراني وحسب ولكن في تاريخ العالم كله، ففي ذلك اليوم شهدنا محمد علي أبطحي، وهو مدون بارز ونائب رئيس إصلاحي سابق بين العشرات يحتجون على (نتائج) الانتخابات الرئاسية التي عقدت في 12 يونيو (حزيران). وشهدنا أبطحي داخل المحكمة بوجه جديد وموقف جديد.

وظهر أبطحي داخل المحكمة يرتدي ملابس السجن، وصندلا مصنوعا من البلاستيك، دون أن يرتدي جوربا، وبدا عليه الضعف، وأنه نقص مقدار كبير من وزنه. وقال أبطحي، الذي سجن لمدة أسابيع لم تكن له خلالها علاقة بالعالم الخارجي، داخل المحكمة: «أقول لجميع أصدقائي وجميع الأصدقاء الذين يسمعونا إن قضية التزوير في إيران كانت كذبة، وابتدعت من أجل إثارة أعمال الشغب حتى تصبح إيران مثل أفغانستان والعراق وتعاني من الدمار ومن مصاعب.. وإذا حدث ذلك، لن يكون هناك اسم أو ذكر للثورة».

ونشرت بعض المواقع صورة لأبطحي قبل أن يلقى القبض عليه، وصورة أخرى له داخل المحكمة يوم السبت 31 يوليو (تموز). وبعد قضاء 43 يوما في السجن، نقص وزن أبطحي نحو 43 رطلا، وهو ما يعني أنه كان يفقد رطلا تقريبا من وزنه يوميا. وبسبب هذا المظهر والموقف الجديد، قيل إن أفضل مكان لإنقاص الوزن هو السجن!

وظهر في عيني أبطح الكثير من الآلام والمخاوف. وعندما كنت أشاهده، تذكرت الفيلم الكلاسيكي «وطار فوق عش المجانين»، فقد كان فيلما لن ينسى، ومما لا شك فيه أنه كان من أفضل الأفلام التي أعدت في تاريخ صناعة الأفلام. وفي عام 1975 فاز فيلم «وطار فوق عش المجانين» بأربع جوائز أكاديمية.. أفضل ممثل (جاك نيكولسون) وأفضل ممثلة (لويز فليتشر) وأفضل مخرج (ميلوس فوريمان) وبالطبع أفضل صورة!! ومن النادر جدا أن يحدث ذلك.. وقلة من الأفلام التي يمكنها أن تحظى بهذا الشرف!! ويجسد فيلم «وطار فوق عش المجانين» صورة للمرض العقلي، وكيف أنه حتى أكثر الدول رقيًّا على الكرة الأرضية (الولايات المتحدة الأميركية) غير مجهزة للتعامل معه بالصورة المناسبة!! وكان أداء جاء نيكولسون في الفيلم من أروع صور الأداء التي يمكن أن يقدمها ممثل.. فجميع الأمراض الموهنة من الناحية النفسية تم حصرها في حالة شديدة من الواقعية المحبطة.

وعندما شاهدت وجه أبطحي تذكرت وجه السيد ماك مورفي في هذا الفيلم، وبدا لي أن وجه أبطحي يملأه الألم والغضب والكراهية.

لم يعان وجهه وجسده وحسب، بل تعرضت روحه للتعذيب في سجن يديره ويشرف على النظام فيه الحرس الثوري. وكان أبطحي شخصية جديدة تماما من الناحية النفسية والعقلية. وغير السجن جسده وعقله على السواء.

قبل إلقاء القبض عليه، كان أبطحي يؤمن بأن هناك عملية تزوير كبيرة في انتخابات الثاني عشر من يونيو (حزيران). وكان حينئذ يدعم خاتمي، ولكن بعد قضاء 43 يوما في زنزانة فردية، يعتقد الآن أن الانتخابات كانت حرة نزيهة ونظيفة. وبصيغة أخرى، كانت كلمات أبطحي في المحكمة وخلال المقابلة التي أجريت معه شبيهة بوجهة نظر آية الله جنتي.

أضف إلى ذلك، أنه يتحدث حاليا ضد خاتمي! من يمكن أن يصدق موقفه الجديد؟ وكان رد الفعل الأول من ناحية زوجته السيدة موسوي. قالت: «تختلف أفكار أبطحي الحقيقية وموقفه الحقيقي كلية عما كان يقوله في المحكمة. وبالرجوع إلى موقعه على شبكة الإنترنت، يعرف جميع الإيرانيين أن موقف أبطحي مختلف بصورة كلية. قبل إلقاء القبض عليه، كان يؤمن بأن هناك تزويرا كبيرا في الانتخابات، وكان يدعم خاتمي طوال الوقت. ما الذي حدث لأبطحي داخل السجن وغير عقله وجسده؟».

ويُطرح تساؤل هام جدا هنا وهو: ما هو الهدف الرئيسي لما يطلق عليه محكمة؟ يقول كل من أبطحي وعطر يانفر، وهو عضو بارز في صحيفة «كرغوزاران» وأسس الكثير من الصحف في إيران، إنهما يعتقدان أن الانتخابات كانت حرة ونزيهة.

قال أتريان مازحا إنه مثل الحر بن يزيد الرياحي، غير موقفه وترك قوات يزيد بن معاوية لدعم الإمام الحسين! ويضيف أن الحكم المطلق لولاية الفقيه هو مصدر الروحانية والبقاء.

وبالنسبة لي، من الواضح جدا أن كلا من أبطحي وأتريان عاش ظروفا خاصة على مدى الـ43 يوما الماضية. وظلا يرددان أن حالهما في السجن مريح جدا، وأنهما يشعران بالرضا التام عن المحققين! ويقولان إنهم كانوا يجلسون حول منضدة ويتحدثون إلى بعضهم بعضا. وسمح لأبطحي بالذهاب للتمشية مرتين يوميا، ولكن كانت عيناه معصوبتين، ولذا لم يكن يعرف مكان سجنه.

ولا شك في أن المحكمة والمحاكمة ما هي إلا محاكمة سياسية، فقد كانت شبيهة جدا ببرنامج تليفزيوني أو مسرحية تعرض داخل مسرح.

والسؤال هو: هل سوف يقبل الإيرانيون هذا النوع من المحاكمات؟ لا أعتقد ذلك، وهذه هي بداية النهاية لولاية الفقيه داخل إيران.