إنفلونزا الخنازير.. خطر كيف نتعامل معه؟

TT

في جلسة جمعتنا بأصدقاء في ولاية فرجينيا كان الحديث فيها عن وباء إنفلونزا الخنازير، وأفضل طرق التعامل معها، خصوصا في السعودية بسبب موسم الحج والعمرة، وكان كثير من الحديث فيه نقد للتغطية الإعلامية، على أساس أنها تثير الخوف أكثر من نشر التوعية.

وأعتقد أن مع الأصدقاء كل الحق، فعند قراءة متوسعة، وليست في الواقع السعودي فقط، يعي المتابع أن التعامل الصحيح مع خطر وباء إنفلونزا الخنازير هو في التوعية، لا إثارة مشاعر الخوف في الناس.

وللتدليل على ما أقول، فقد كنت أقوم بالبحث من أجل كتابة هذا المقال، ولفت نظري عنوانان صحافيان؛ الأول يقول: «إنفلونزا الخنازير تصيب قطاع العمل البريطاني»، والآخر يقول: «انخفاض إصابات إنفلونزا الخنازير بشكل كبير في بريطانيا».

العنوان الأول ليس له علاقة بتفشي المرض، بل هو عن خشية أرباب العمل من استخدام بعض الموظفين في بريطانيا لذريعة الوباء من أجل التغيب عن العمل، وهذا أمر يتعلق بقوانين العمل البريطانية التي يستغلها البعض وسيلة للتسيب، أكثر من علاقته بالمرض نفسه.

فما نحن بحاجة له، وتحديدا إعلاميا، هو توعية الناس بكيفية التعامل المثلى مع هذا الوباء، وبدلا من تبشيرهم بأن من يموت بسبب الوباء يعد شهيدا فعلينا أن نقول لهم كيف استطاعت بريطانيا أن تخفض الإصابات بالوباء من مائة ألف إلى 30 ألفا، وكيف استطاعت الصين بعدد سكانها المهول السيطرة على هذا الوباء.

ففي بريطانيا، مثلا، يطلب ممن يشتبه في إصابته بالمرض أن لا يذهب إلى المراكز الصحية أو المستشفيات، بل البقاء في المنزل، والاتصال على رقم مجاني، حيث تقدم له النصائح، ومن ثم يصرف له العلاج المناسب. وقبل ذلك يشرح للناس جيدا ما هي أعراض المرض، وكيفية تجنبه من غسيل اليدين جيدا، وحتى عدم العطس من دون وضع منديل على الفم والأنف... وهكذا، وهذه الأمور تم شرحها للناس في حملة إعلانية ضخمة سواء عبر التلفزيونات، أو الصحف، وكذلك المنشورات والملصقات، إضافة إلى كتيبات تم توزيعها على كل منزل في بريطانيا عبر البريد تشرح كيفية تفادي الإصابة وآلية التعامل معها في حالة حدوثها.

وبالطبع فمع وزير الصحة السعودي كل الحق عندما قال إن هذا العام استثنائي بالنسبة للسعودية، حيث موسما الحج والعمرة، ولذا فلا بد أن تكون هناك حملة توعية كبيرة، للتعريف بالمرض، وأعراضه، وكيفية التعامل معه مباشرة.

وهذا هو الأمر الأنجع، والذي علينا نحن تحديدا في الإعلام القيام به، بدلا من أن نتحول إلى عداد وفيات، أو منشغلين فقط بالعناوين المثيرة، فالناس بحاجة أكثر إلى من يقدم لهم التوعية، لأن الوقاية خير من العلاج.

فالنقص في الخبرة ليس في السعودية أو العالم العربي وحده، فحتى في كاليفورنيا خرجت مظاهرات لقرابة 100 ممرضة يشكين من نقص في التدريبات والأجهزة للتعامل مع الوباء، مما قد يعرض حياتهن للخطر.

وبالتالي نحتاج إلى إدارة أزمة، بشكل احترافي، وإلى جهد أكبر، في التوعية، يتعاون فيه الجميع، سواء في السعودية، أو غيرها من العالم العربي، خصوصا أن السعودية في موقف لا تحسد عليه وهي تستقبل الحجاج والمعتمرين من كل مكان في العالم.

[email protected]