إعادة التفكير في استخدام سياسة الجزرة مع كوريا الشمالية

TT

الآن وقد حرر الرئيس بيل كلينتون لورا لينغ وإيونا لي من كوريا الشمالية، لا بد من العمل الجاد. فقد ظهرت مؤشرات جديدة على أن كوريا الشمالية تنقل تكنولوجيا أسلحة نووية إلى ميانمار، الدولة الديكتاتورية المعروفة ببورما سابقا، وأنها زودت النظام السوري من قبل بمفاعل نووي.

كنت قد دافعت على مدار سنوات عدة، انطلاقا من زياراتي الخمس إلى كوريا الشمالية ومناطقها الحدودية، عن الحوار مع بيونغ يانغ، لكنني انتهيت الآن إلى أننا بحاجة إلى مزيد من العصي.

قدم المنشقون البورميون روايات مفصلة حول بناء مفاعل نووي كوري شمالي، ربما يكون مماثلا لما حصلت عليه سورية داخل جبل في أعماق ميانمار. وقد صدرت تلك التقارير التي نشرتها صحيفة «ذا سيدني مورننغ هيرالد» هذا الشهر عن ديزموند بول، العالم الآسيوي الشهير، وفيل ثورنتون الصحافي الشهير والخبير بشؤون ميانمار، كما كانت هناك بعض المعلومات الاستخبارية التي دعمت تلك التقارير.

إذا ما كانت روايات المنشقين صحيحة فإن هذا المفاعل بحسب رأي ثورنتون وبول: «سيكون قادرا على إنتاج قنبلة نووية واحدة في العام بدءا من عام 2015».

بيد أنه ستكون روايات هؤلاء المنشقين غير صحيحة، فالعراق خير دليل على أن روايات المنشقين عن أسلحة دمار شامل ربما تكون خاطئة. ولكن الدهشة التي أصابت الوكالات الاستخبارية بسبب المفاعل النووي الكوري الشمالي في سورية (الذي دمره القصف الإسرائيلي عام 2007)، جعلت الجميع يسارعون بأخذ التقارير الأخيرة على محمل الجد. وعبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن قلقها البالغ بشأن نقل تكنولوجيا نووية من كوريا الشمالية إلى ميانمار دون تقديم أي تفاصيل.

كانوا المسؤولون الكوريون قد أشاروا إلى ذلك بصورة ضمنية، فيقول مايكل غرين، مسؤول الشؤون الآسيوية في عهد إدارة بوش، إنه في عام 2003 نقل له مسؤول كوري شمالي في مارس (آذار) 2003 ـ خلال المصافحة ـ وللمسؤولين الأميركيين الآخرين تحذيرا «إن لدينا رادعا نوويا، وإن لم تنهوا سياسة العداء التي تنتهجونها ضدنا فسوف نظهرها لكم، وسنزيدها، ونقوم بنقلها لدول أخرى». وأضاف غرين: «ها هم قد قاموا بكل ذلك الآن».

في بعض الأوقات في الماضي كانت تبدو في الأفق بارقات أمل لحل دبلوماسي يهدف إلى تشجيع كوريا الشمالية على التخلي عن برنامجها النووي والانضمام إلى المجتمع الدولي، لكن الأيام الحالية تبدو عديمة الأمل.

ويقول مايكل ريس، خبير شؤون كوريا الشمالية والمسؤول السابق البارز في وزارة الخارجية الأميركية والأستاذ الحالي بكلية ويليام ماري: «استنفدت المحادثات الدبلوماسية الرسمية الهادفة إلى وقف برنامجهم النووي مسارها، على الأقل في الوقت الحالي، فقد تغيرت الحقائق ومن ثم يجب أن تغير استراتيجيتك».

في الماضي كان ريس يركز على المحادثات، أما الآن فهو يركز على «الاحتواء الصعب»، وعقوبات أكثر قوة مدعومة بقوة عسكرية إذا لزم الأمر.

الحقيقة أن كوريا الشمالية لا تريد التفاوض حول موادها النووية، إنها تركز على نقلها، وقد رفضت هذا العام زيارة المبعوث الخاص للرئيس أوباما، وأبدت عدم قناعتها بالمحادثات السداسية حول القضايا النووية، وبدلا من ذلك سعت إلى محادثات مع الولايات المتحدة مشروطة بقبولها كقوة نووية وهو شرط مرفوض.

وخلال الشهور الأخيرة قامت كوريا الشمالية بإلغاء بعض الإصلاحات الاقتصادية التي كانت قد قامت بها، وأنهت التعاون مع الشطر الجنوبي.

وفي غضون ذلك تستمر كوريا الشمالية في جهودها في تزوير النقد الأميركي فئة 100 دولار ـ أكثر منتجات كوريا الشمالية جودة ـ وتقوم سفاراتها في باكستان والدول الأخرى بتهريب المخدرات والكحول والعملة. أطلقت كوريا الشمالية سراح الرهائن الأميركيين، لكنها استمرت في احتجاز الكوريين الجنوبيين، كما أنها لا تزال أكثر دولة شمولية في التاريخ.

في منازل كوريا الشمالية شاهدت السماعات في المنازل توقظ المواطنين كل صباح على دعايا إعلامية، ويُنتزع الأطفال ذوو القدرات الخاصة والتوائم من آبائهم لتربيهم الدولة، لأنهم يعتبرون واعدين ومبشرين.

لم تعد هناك خيارات جيدة هنا، والثورة الشعبية تبدو مستحيلة، فالكوريون الشماليون حتى أولئك الموجودون في الصين الذين يحتقرون النظام يعترفون بأن الأغلبية العظمى من الكوريين الشماليين ينخدعون بتلك الدعايا الإعلامية. وبالفعل فإن نسبة تأييد كيم يونغ إيل في بلاده أكثر من أوباما في الولايات المتحدة.

إن رهاننا الأفضل سيكون في استمرار دعم التفاوض، وأن تكون هناك قناة خلفية تركز على الجوهر بدلا من البروتوكولات، إضافة إلى التبادل الاقتصادي والثقافي، لكنها تكون مدعومة بالعصا. وتعمل إدارة أوباما في الوقت الحالي مع حلفائها على إعادة فرض عقوبات اقتصادية ومالية أظهرت نجاحا في السنوات الأخيرة في التضييق على النظام الكوري. وقد أبدت الصين تعاونا مثيرا للدهشة، حتى إنها اعترضت بهدوء الكثير من الشحنات لمواد ستستخدم في برامج أسلحة الدمار الشامل.

وعندما تردنا معلومات استخبارية بأن سفن كوريا الشمالية تنقل مواد أو تكنولوجيا نووية إلى دولة مثل ميانمار أو إيران، فيجب علينا التحرك ووقف تلك السفن. وهذه خطوة أكثر تشددا، لكن الكابوس سيقع إذا ما قررت إيران توفير الوقت وشراء قنبلة نووية أو اثنتين من كوريا الشمالية، وهو ما لن نسمح بحدوثه.

*خدمة «نيويورك تايمز»