مسرحية إيران الهزلية

TT

ما يعرضه النظام الإيراني على الإيرانيين والمجتمع الدولي مما يسمى محاكمات على خلفية الاحتجاجات التي اجتاحت إيران بعد الانتخابات الأخيرة، لا يمكن وصفه إلا بالمسرحية الهزلية. فالنظام يعرض المتهمين أمام المحكمة ليرددوا كل ما قالته وتقوله وسائل إعلام النظام والمرشد، وما يقوله خطباء المرشد في صلاة الجمعة، منذ أسابيع، عن عمالة المحتجين على نتائج الانتخابات الإيرانية الأخيرة.

نقول مسرحية لأن الجميع يعترف، ووفق النص، حيث لا أحد يخرج عن النص، والفرق الوحيد بين المتهمين الذين تعرض صورهم على الوكالات الإيرانية الرسمية هو التفاوت في درجة الإعياء، ونقص الوزن، نتيجة ما تعرضوا له أثناء التحقيقات، فيجب ألا ننسى من سلموا إلى أهاليهم في إيران جثثا، وقيل إن بعضهم كان مكسر الأسنان.

والسؤال هنا هو هل يعتقد النظام الإيراني أن تلك المسرحية ستنطلي على العقلاء؟ بالطبع لا، بل إنها تدفع المتابع إلى طرح أسئلة ملحة مثل: هل النظام الإيراني هش إلى درجة أن باستطاعة باحثة فرنسية عمرها 24 عاما، وصحافي من مجلة «نيوزويك» الأميركية، وموظف في السفارة البريطانية زعزعة النظام أو إسقاطه، أو إخراج مئات الآلاف من المتظاهرين ضد الديكتاتورية الأصولية؟

وإذا كان من شيء ايجابي لكل ما حدث، ويحدث في إيران، ورغم المآسي في أعقاب الانتخابات الأخيرة، والاحتجاجات التي قامت بها شريحة عريضة من الإيرانيين، ومن باب أن مصائب قوم عند قوم فوائد، فهو فضح مشروع الملالي، ورفض شريحة عريضة لا يستهان بها من الإيرانيين لمشروعية الولي الفقيه، وكذلك كشف خدعة ديموقراطية النظام الواهية.

فمسرحية إيران الهزلية فضحت لنا نظاما هشا من الداخل، أكثر مما كنا نتوقع. نظام لا يتوانى عن التنكيل ليس في شعبه وحسب، بل في أركان تكوينه، لا أركان حكمه، حيث رأينا ما يتعرض له سعيد حجاريان أحد أبناء الثورة المخلصين، والرجل الذي أسهم في تأسيس الجهاز الاستخباراتي الإيراني. كما رأينا كيف بات حال نائب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، السيد أبطحي، وغيرهما من رموز النظام مثل موسوي، ناهيك عن الهجوم على أحد مؤسسي إيران الثورة السيد هاشمي رفسنجاني.

وفر علينا متطرفو إيران جهدا كبيرا في فضح نواياهم، وزيف إيمانهم بالديموقراطية والاستقرار، ليس داخل إيران، فذاك شأن إيراني داخلي، ولكن في جل عالمنا العربي، حيث وجد نظام الملالي عربا، سمينا بعضهم من قبل «العرب الخائفون»، كما وجدوا لهم عملاء آخرين في الإعلام، والسياسة، يبيّضون صفحاتهم، واليوم رأى العالم العربي بنفسه كيف يبطش النظام الإيراني بمواطنيه العزل، دون تمييز بين رجال أو نساء، صغار أو كبار.

ولذا فان مسرحية المحاكمات الإيرانية الهزلية، ومع استمرار عروضها، فإنها لا تقنع أحدا بمشروعية النظام، أو سلامة موقفه، بقدر ما أنها تعري نظام طهران، وتفضح كل من يهادنهم، أو يحالفهم في عالمنا العربي، حيث لا فرق بين نظام صدام حسين، والنظام الإيراني إلا في التفاصيل، فكما يقال إن لكل شيخ طريقته، فإن لكل ديكتاتور طريقته.

[email protected]