كابوتشينو

TT

ليس لدي أي شك، كإنسان من هذا العالم، في نوايا باراك أوباما. وليس لدي شك في مدى وعمق الإنسان فيه، بسبب جذوره ونشأته وآرائه المتعددة. والنوايا غير القدرة. وسواء استطاع أن يحقق شيئا للإنسان البائس في هذا العالم، من فلسطين إلى البيرو، أم لا، فهذا لا يغير في قيمة نواياه، وفي جذوره الإنسانية المضادة لجذور ونشأة وتربية وفكر البوشين. أو لخلفية رونالد ريغان. وكلما انتصر متعسف أو مستبد أو جلاد، يقال لي: هل رأيت؟ لقد انتصر من كنت تنتقد. وكم في هذه النظرية من الغباء. فمن قال إن الانتصار فقط لذوي الخلق والنبل والإنسانية؟ ومن قال إن هذا عالم ينتصر فيه الأوادم؟ لكن هل يمكن أن يجعلني ذلك أقف إلى جانب الشر والتمساح وأن أكون خالي المشاعر؟

تعالوا نعطي أوباما في فلسطين فرصة عامين. وسوف يكون لدينا الوقت الكافي في ما بعد لأن نشتمه. وأن نعطيه الوقت لا يعني أن نتنازل ولا أن نتغير ولا أن نستسلم ولا ننسى مائة عام من الذل والعذاب واضطهاد العالم. لكن تعالوا ندل باراك أوباما على أولويات العذاب الفلسطيني والذل العربي الصدئ. وأن نقول له، لا تبدأ بالمستعمرات في القدس. هذه بسيطة. ابدأ، سيادتك، بإقناع الإسرائيليين بالسماح للفلسطينيين ببناء حدائق للأطفال في الضفة الغربية. ابدأ بأن يُسمح لهم ـ في الضفة ـ ببناء شبكات للمياه ومجمعات تجارية ودور سينما وتركيب الهوائيات لشبكات الاتصالات. ابدأ بأن يُسمح للفلسطينيين باستخدام طرقات سريعة مثل الإسرائيليين وليس طرقات ضيقة ورديئة ومضنية. ابدأ بالسماح للفلسطينيين بزيارة أهلهم. ابدأ بالسماح للمناضلين بالحضور إلى رام الله دون الحاجة إلى الاحتماء في سيارة الرئاسة.

دعك من المستعمرات الآن. امنح الفلسطينيين الحد الأدنى من الكرامة البشرية عند الحواجز ونقاط العبور. حاول إزالة معالم العنصرية والأبارتيد قبل إزالة معالم ووجوه وأشكال وقباحات ووقاحات الاستعمار. سوف نصل إلى المستعمرات في ما بعد. الآن قل لنا لماذا يسيطر الإسرائيليون على 60 في المائة من الحياة في الضفة الغربية. ومن يرفع عن الضفة والقطاع ذل البطالة؟ لقد ابتهج نتانياهو بافتتاح مقهى جديد في رام الله علامة الازدهار. علامة الازدهار بين فلسطيني يبلغ دخله السنوي 1200 دولار ودخل «نده» الإسرائيلي 17 ألف دولار. لا تقل لي إنه فارق العلم والتقدم. إنه فارق الظلم والقهر والجلاد الوقح الذي يبتهج بالإنجاز الكبير: مقهى كابوتشينو في رام الله.