إنها دواوين لشاعر بكل اللغات!

TT

كان أستاذنا المستشرق الألماني باول كراوس يقول لنا إن سرقة الكتب ليست حراما، ولذلك كان يستعير كل ما يستطيع من مكتبة الجامعة، ثم لا يرد هذه الكتب، وبعد انتحاره بشهور اكتشفت مكتبة الجامعة أن لديه عشرات من الكتب النادرة لم يشأ أن يردها.

وكنا إذا بحثنا عن كتاب ولم نجده، كان يهز رأسه بأن الكتاب عنده، ولكنه ليس على استعداد لأن يعيره لأحد.

وكان لنا صديق من أغرب الشخصيات وأهمها في مساعدتنا على شراء الكتب وقراءتها، وكان في أول حياته يعمل في مكتبة «سميث».. وكنا طلبة لا نقدر على شراء كل ما نحتاج إليه، فكان يعطينا الكتب الجديدة التي تمزقت أوراقها بسبب الشحن والتفريغ ولا يتقاضى ثمنها وحتى عندما أصبحت عنده مكتبة كان ييسر على أصدقائه شراء الكتب وكثيرا ما يتردد في طلب ثمنها..

وقد نشرت الصحف الفرنسية أن اللصوص سرقوا مكتبة كلية الاقتصاد وتضم ثلاثين ألف كتاب..

لكن سرقة الكتب هذه شيء جديد، فقد تعودنا أن يسرق اللصوص اللوحات الفنية من متح

ف اللوفر.. وكثيرا ما سرقوا لوحة الجيوكوندا أكثر من مرة..

ثم قرأت أن بعض الفرنسيين قد شاهدوا عددا من الكتب تطفو على نهر السين.. فقالوا إن إغراق الكتب جريمة كاملة..

ولما تابعت قراءة خبر إغراق هذه الكتب وجدت شيئا عجيبا.. فقد اختلف اثنان من العشاق وأعطى كل منهما الآخر خطاباته وصوره.. أما هذه الكتب فهي دواوين الشاعر الرومانسي الرقيق بول جيرالدي.. وكل هذه الكتب ليست إلا طبعات مختلفة وبلغات متعددة لهذا الشاعر الذي نام العاشقان على شعره وعلى موسيقاه حتى النهاية.. إنها مأساة!