سيدة كريمة من بلادي!

TT

يكثر الحديث عن دور المرأة في المجتمع ويتم التعرض لهذا الموضوع بأشكال مختلفة وتقدم لأجله الأمثلة والنماذج المؤكدة والداعمة لذلك.

وبعيدا عن اعتبار هذا الموضوع «نكهة الشهر» أو «طبق اليوم» ومع التعاطي معه بهدوء وحكمة وعقلانية، نجد أن هناك نماذج مشعة وناجحة تستحق الشكر والثناء وإبراز تجربتها لتكون عبرة وقدوة وتنال التقدير المستحق من المجتمع بناسه ومؤسساته.

وعلى مستوى العالم العربي هناك شخصيات «عابرة للحدود» خيرها وعطاؤها ودورها يعم ولا يخص. ومنذ فترة ليست ببعيدة طلب مني ترشيح لشخصية نسائية مؤثرة على مستوى العالم العربي لصالح إحدى المؤسسات البحثية المتخصصة، وبعيدا عن زخم القوائم التي تصدر من قِبل بعض وسائل الإعلام عن «أهم الشخصيات المؤثرة» أو «أكثر الشخصيات تأثيرا» والتي تخضع لمعايير مثيرة للجدل وقد يغلب عليها «الوهج» و«البريق» أكثر من المضمون الحقيقي، راجعت في رأسي أسماء لسيدات قدّمن خيرهن وعلاقاتهن ومالهن وفكرهن ووقتهن وجهدهن لأجل أهداف سامية ونافعة وفيها التجرد من الأنا والتركيز على النفع والصالح العام، فوجدت أن الاسم الذي يأتي في بالي دائما هو اسم لا علاقة له بكونه امرأة فقط ولكنها نموذج للمواطنة الصالحة وما يجب أن يكون عليه الانتماء بمعنيَيه الذكوري والأنثوي، والاسم الذي أقصده هو السيدة سعاد الحسيني الجفالي.

السيدة سعاد الجفالي أو «الست» سعاد كما يحلو لمن يعرفها بأن يناديها، أصبحت علما راسخا وشامخا في عمل الخير وتقديم القيمة المضافة، فهي بشكل أساسي ركزت على عنصر التعليم لإيمانها الشخصي برسالته وإدراكها بأن التعليم الجاد هو فرصة ووسيلة وأداة وطوق نجاة للمجتمعات على المدى الطويل. وبصماتها في هذا المجال واسعة؛ فلها إسهامات كبيرة في دعم جامعة عفت بجدة بالسعودية والجامعة الأميركية بالقاهرة والجامعة الأميركية اللبنانية ببيروت وجامعة بيرزيت بفلسطين وجامعة جورج تاون بواشنطن، وهي عضو فاعل في العديد من مجالس الإدارة واللجان المساندة في تلك المؤسسات العملاقة.

«الست» سعاد سليلة الحسب الهاشمي الشريف وابنة القدس العريقة والتي ارتبطت بزواج كريم مع الراحل أحمد الجفالي، ووالدتها ألمانية، أتت إلى السعودية وكافحت بشكل عصامي مع زوجها قبل زمن الطفرة ونتاجها فصقل كل هذا الخليط الاجتماعي والعرقي والجغرافي شخصيتها وكوّن عندها مفاهيم محددة لمعنى العطاء وقيمة النجاح وضرورة المشاركة وأهمية الدور الاجتماعي وهذا كله جعل مكانتها في قلوب الناس واحترامها في نفوسهم لا غبار عليه، وباتت بحق أيقونة اجتماعية ورمزا للعمل الخيري بامتياز. شاركت معها في أكثر من مناسبة وعرفت عن قرب مدى جديتها وتركيزها على الأهداف التي تقرر أن تعتمدها وتتبناها.

وفي إحدى المناسبات كان يوجد معي عبد الله جمعة رئيس شركة «أرامكو» الأسبق ومعتز الألفي رجل الأعمال المصري المعروف وكانا يمدحان في جهود «الست» سعاد الجفالي مشيدَين بطاقتها ونفسيتها وأسلوب إدارتها لدرجة أنهما علقا بأنها أكثر فعالية وتأثيرا من الكثير من التنفيذيين الآخرين الذين يتعاملان معهم.

السيدة سعاد الجفالي وظفت مالها ووقتها ونفسيتها الكريمة بشكل فيه النفع الكبير وبذلك كسبت احترام ومحبة كل من عرفها في المجتمع الخيري العربي بأطيافه المختلفة مع العلم أن عطاءها لم يقتصر على التعليم ولكنه شمل أيضا جمعيات تتعاطى مع الاحتياجات الخاصة ومساعدة الأيتام وغيرها. في زمن قلت فيه القدوات المميزة تتألق سعاد الجفالي وتسطع لتستفيد أجيال قادمة من نموذج ناجح ومشرق.

[email protected]