لماذا اشتعل العراق؟

TT

قرية بأكملها، محسوبة على الطائفة الشيعية في العراق، دمرت، فهل هذا هو الجانب المظلم، والمحزن من الصورة، في العراق؟ الإجابة بكل تأكيد لا! فالمشهد المروع أكبر مما يبدو للعراقيين، أو المتابعين.

ولكي نفهم ما حدث، ويحدث، في العراق فلا بد أن نتابع سير الأحداث اليومي في العراق على كافة الأصعدة، ونراقب المماحكات التي تدور هناك، سياسيا، وطائفيا، وحتى إعلاميا. فالسبب الحقيقي خلف اشتعال الحريق في بلاد الرافدين يعود إلى أمرين؛ الأول الانسحاب الأميركي، والثاني هو الانتخابات العراقية القادمة.

ولنستطيع الفهم فعلينا أن نتأمل التالي، فبعد الانفجارات التي استهدفت تلك القرية المغدورة كانت أول ردود فعل الضحايا ما لخصته تلك المرأة العراقية التي قالت أمام كاميرات التلفزة وهي تشير إلى الأنقاض: «أنظر يا رئيس الوزراء.. ويا وزير الداخلية.. أين الأمن الذي تتحدثون عنه»؟

والأمن هو الورقة التي يريد المالكي اللعب بها من أجل الانتخابات القادمة في العراق، فبعد الانسحاب الاميركي من العراق، والذي جاء بإرادة أميركية بحتة، وليس بسبب المالكي، حاولت حكومة السيد نوري المالكي تصوير الانسحاب بالبطولة، والإنجاز الخاص به، حتى أن واشنطن غضبت من تصوير الحكومة العراقية للانسحاب الأميركي على أنه انتصار، مما دعا رئيس الوزراء العراقي إلى زيارة مقبرة للجنود في واشنطن أثناء زيارته الأخيرة من أجل معالجة الموضوع.

وعليه فإن في العراق من يريدون القول اليوم إن حكومة المالكي لا تملك فرض الأمن، ولا هو أصلا من إنجازاتها، خصوصا أن حكومة المالكي قد أعلنت أنها تريد إزالة الحواجز الأمنية في طرقات بغداد، وحول المنطقة الخضراء، وهو الأمر الذي اعتبره خصوم المالكي استعراضا دعائيا استعدادا للانتخابات القادمة. وبالطبع فإن أمام المالكي وحكومته اليوم استحقاقا أمنيا آخر وهو فضيحة السطو على بنك عراقي من قبل أفراد من حرس نائب الرئيس العراقي والقيادي في المجلس الأعلى، عادل عبد المهدي، وهو ما تحول إلى معركة إعلامية في بغداد!

وكما أسلفنا فإن المعركة ليست أمنية فقط، فالحكومة العراقية بدأت مؤخرا تجاهر بشكواها تجاه المعوقات التي تواجهها في البرلمان، وخير مثال قضية سندات الكهرباء، التي تهدد بقطع الكهرباء كاملة عن البلاد، خصوصا مع اتهام شخصية مقربة من المالكي للمجلس الأعلى بالوقوف خلف تلك التعطيلات.

وهنا يتضح لنا أن الصراعات حول الائتلاف العراقي الموحد (الدعوة، والمجلس الأعلى، والصدريين) متسعة، وأقرب إلى تكسير عظام، وإذا ما أضفنا إلى ذلك باقي الخصوم السياسيين، والمسلحين، و«القاعدة»، يتضح لنا صعوبة الوضع في العراق من أجل الاستعداد للانتخابات القادمة.

وللأسف أن الحطب الذي توقد به نار العراق اليوم هو المواطنون الأبرياء، من كل الطوائف، والملل، ومن هنا تتضح أهمية ما قاله قائد عسكري أميركي قبل أسبوع لإحدى الصحف الأميركية بأن «مشاكل العراق لا تحتاج إلى قوات عسكرية، بل إلى حل سياسي».

وهذا هو المخرج الوحيد اليوم في العراق، وليس التحالفات الطائفية الضيقة، أو المتاجرة بهموم الناس وأمنهم.

[email protected]