العلاقات العربية الإيرانية.. مَن يُبادر؟

TT

شئنا أم أبينا إيران دولة جارة قوية.

نختلف معها أكثر مما نتفق وقد مثلت تهديدا خلال حقبة الشاه ولا تزال كذلك خلال دولة الجمهورية الإسلامية.

هي الآن بمثابة بوابة جديدة لدخول القوى العظمى إلى المنطقة خصوصا بعد أن بدأوا بسحب قواتهم من العراق.

ولهذا فلا بد من وضع كل نقاط الخلاف على طاولة البحث بين العرب (وبالذات الخليجيين) وإيران في محاولة للوصول إلى حل نهائي يخفف من التوتر في المنطقة ويخرج برؤية تنموية تفيد الشعوب في كلا المعسكرين.

إن مسألة حصول إيران على السلاح النووي الإيراني مسألة وقت سواء قامت إسرائيل ومن ورائها أمريكا بضربها أم لا. ولهذا فيجب أن لا نتوقف كثيرا عندها خصوصا أننا بحاجة إلى الطاقة النووية لضمان استمرار حصولنا على الطاقة بعد نضوب النفط. وكذلك فإن النووي الإسرائيلي ليس أقل خطرا من النووي الإيراني حيث ثبت أن إسرائيل استخدمت يورانيوم مخصبا في قصفها لغزة رغم قرب غزة منها فكيف ببلاد عربية بعيدة عنها؟

الحديث عن المشروع النووي الإيراني يجب أن يتم في إطار أشمل يضمن خلو كامل الشرق الأوسط من الأسلحة النووية بما في ذلك تجريد إسرائيل من ترسانتها.

المنطقة بحاجة إلى مبادرة جريئة لإعادة صياغة العلاقات العربية الإيرانية، ولكي تنجح المبادرة لا بد أن تحرر من الضغوط الاجتماعية والأيديولوجية وكذلك ينبغي لها البعد عن الأحكام المسبقة والعبارات التاريخية التي يرددها الطرفان.

ولكي لايفهم المقال خطأ فأنا لا أتكلم عن تقارب شيعي سني ولكني أتكلم عن سياسة بين دول جوار وليبقَ السنة سنة والشيعة شيعة.

المبادرة يجب أن تكون مبنية على المصلحة الإقليمية بعيدا عن الضغوط الأمريكية وقناعاتها.

لا بد من طرح كل نقاط الخلاف على الطاولة:

* احتلال الجزر العربية الإماراتية وغير الإماراتية.

* التدخل في شؤون الأقليات.

* المحور الإيراني مع قوى عربية الذي كان من شأنه خلق توتر عربي.

* حقوق العرب الإيرانيين.

طبعا هناك أراء مخالفة للتقارب الإيراني العربي في الطرفين وللأسف لا تزال الكلمة العليا لتلك الآراء في تحديد مستقبل المنطقة.

ترى مَن هم المستفيدون من استمرار الجمود في العلاقات العربية الإيرانية؟

المستفيدون ثلاثة أطراف فقط:

* إسرائيل في المقام الأول.

* أمريكا.

* المتطرفون في الجهتين، والتطرف هنا يشمل التطرف الأيديولوجي والتطرف السياسي.

كل ما أرجوه أن لا تتحول إيران أحمدي نجاد إلى عراق صدام حسين حتى لا نجد أنفسنا مرغمين مجددا على الاصطفاف في الجبهة الإسرائيلية الأمريكية ضد العدو الجديد (إيران). وهذا يتطلب من إيران تغييرا شاملا في استراتيجياتها الإقليمية كي لا تصبح ثور المنطقة الأبيض الجديد. لا بد أن يدرك صناع القرار في إيران أن علاقات قوية مع دول الجوار أفضل لها من الأبواب الخلفية التي أثبتت فشلها السياسي والعسكري.

إن تحريك المسار العربي الإيراني أكثر أولوية من المسار العربي الإسرائيلي، والوصول مع إيران إلى وضعية جديدة تقوي من الموقف العربي في مفاوضات الحل النهائي مع إسرائيل.

القرارات السياسية الشجاعة تحتاج إلى رجل شجاع وقد فعلها خادم الحرمين مرارا فهل يفعلها مجددا ويحدث تغييرا إيجابيا غير مسبوق على مستوى العلاقات العربية الإيرانية يدخل سجله الحافل بالإنجازات ويجنب المنطقة حروبا مستقبلية قد تمتد آثارها لقرون.

طبعا الوضع الإيراني الآن قد لا يسمح بطرح مثل تلك المبادرة بسبب الانقسام الداخلي نتيجة الانتخابات الإيرانية.

ولكن الوضع في المنطقة أيضا لا يحتمل التأخير، إذ لا بد من حراك عربي خليجي على الجبهة الإيرانية حال استقرار الوضع الداخلي.

* كاتب سعودي