شيء من (الخزعبلات)

TT

هناك قصص أو حوادث تشبه (الخزعبلات)، أنا شخصيا لا أعتقد بها، ولكنني أستعرض بعضا منها معكم كنوع من التهكم، رغم أن حياتنا جميعا لا تخلو من الخزعبلات أحيانا.

والحادثة التي سوف أرويها لكم اليوم عن سيدة أمريكية تدعى برايدي ميرفي، وُلدت عام 1923، وحصل لها حادث في عام 1952 أدى إلى ارتجاج مخها قليلا، وتعالجت منه، ولكنها بعد ذلك أخذت تدعي ادعاءات مرعبة، أهمها أنه سبق لها أن عاشت حياة قبل حياتها هذه، وأكدت أنها وُلدت في العشرين من ديسمبر عام 1798 في مقاطعة (كورك) في آيرلندا، وماتت في (بلفاست)، رغم أن برايدي لم تغادر أمريكا قط، ويشهد على ذلك الكل.

وعندما كثر كلامها وهذرها أخضعوها لجلسات تنويم مغناطيسي في أمريكا، وكانوا في نفس الوقت على اتصال بعدة أشخاص مسؤولين في آيرلندا ليتحققوا من صدق ادعاءاتها أو كذبها.

وقالت إنها عندما كانت في الثامنة من عمرها كانت تعيش مع والديها في بيت من الخشب الأبيض، وعندما سمعوها تذكر ذلك قالوا: هذه أول كذبة، فالخشب نادر في آيرلندا، والبيوت هناك تبنى إما بالحجر أو الطوب. ولكنها أصرت على ذلك وذكرت الموقع، وعندما ذهبوا وجدوا فعلا منزلا خشبيا متداعيا ومهجورا.

وذكرت أنها عندما بلغت السابعة عشرة عرفت محاميا اسمه مكارثي وتزوجته ولم تنجب منه، لأنها سقطت من مرتفع وماتت، وشاهدت جنازتها، وتصف الشاهد الذي أقيم على قبرها، وتقول إنها لم تشعر بشيء من الآلام. وتقول إنها بعد مرحلة ضبابية لا تتذكرها بوضوح، وُلدت من جديد في أمريكا عام 1923.

وعندما استجوبوا جيرانها وأهل بلدة بويبلو عن شخصيتها، أكدوا أنهم يحترمون صدق مسلكها، وهي امرأة عاقلة ومتزنة.

وأخذوا يضيقون الخناق عليها، ويسألونها عن بعض التفاصيل، ومما ذكرته كيف أنها انتقلت مع زوجها من كورك إلى بلفاست، ووصفت الطريق بمرتفعاته وأنهاره وصفا دقيقا للغاية دون أي خطأ بالأسماء أو خلط للمواقع، وكيف أن زوجها كان يكتب مقالات تنشر في صحيفة «بلفاست نيوز لتر»، وتبين أن ذلك كله كان صحيحا رغم أن الصحيفة قد أغلقت من زمان.

وذكرت أنها كانت تشتري حاجياتها من حانوت ذكرت اسمه، وعندما بحثوا بالسجلات وجدوا أنه كان يوجد هناك حانوت بالفعل يحمل نفس الاسم ولكنه أغلق.

وذكرت أنه كانت هنالك شركة للحبال وأخرى للتبغ، وكان هذا الرد بالغا أقصى حدود الدقة، لأن الشركة الشهيرة لصناعة الحبال في بلفاست لم يتم تسجيلها حتى عام 1876، حيث كانت عبارة عن معامل صغيرة.

وعثروا في السجلات على اسم والدها ووالدتها، وكانت هي ابنتهما الوحيدة، أما بالنسبة لزوجها المحامي فقد انقطعت أخباره، ويبدو أنه قد هاجر من آيرلندا بعد وفاتها (المزعومة).

ومن أغرب الأمور أنها عندما تكون في هذه الحالة من التنويم المغناطيسي تردد أغاني آيرلندية شبه منقرضة لا يحفظها إلا بعض كبار السن، وترددها باللهجة الآيرلندية القديمة، وعندما تعود إلى حالتها الطبيعية تنسى كل ذلك وتعود إلى لهجتها الأمريكية.

لقد حيرت تلك المرأة، وما زالت تحير، الأطباء وعلماء الاجتماع والدين، وظهرت قضيتها في كتاب بيع منه مئات الآلاف من النسخ، وطبع عشرات الطبعات.

ومع ذلك كله ما زلت شخصيا أعتبر ذلك في حكم (الخزعبلات).

[email protected]