دراما أوباما الصيفية

TT

إليكم روايتان لفيلم «الرئيس أوباما والعجز المتفجر» تعرضان في دار عرض قريبة منك:

في النسخة الأولى يعلن الرئيس أوباما أنه قادر على اتخاذ خيارات صعبة لخفض الدين الفيدرالي. لكن بعد إنفاق تريليون دولار للتغلب على أزمة اقتصادية موروثة لا يزال مصرا ـ كما لو أن شيئا لم يحدث ـ على التوسع الكبير في إنفاق الحكومة الفيدرالية بدءا من الرعاية الصحية وضمان الرعاية الصحية للجميع. زعم أوباما أنه يرغب في قانون يتفق عليه الحزبان لكنه رفض التفكير في أي مكون قد يضر بالحزب الديمقراطي مهما كانت ضرورته للخروج بخطة متناغمة: لا إصلاح مخلا لقوانين محاسبة التقصير في أداء المهام الوظيفية وعدم فرض ضرائب على إعانات الرعاية الصحية التي توفرها جهات التوظيف (النقابات) وعدم المساس بفوائد الرعاية الصحية (أثرياء الطبقة الوسطى).

ويقول الرئيس إن المهمة الجديدة هي تحييد العجز لكنه يقترح تحمل نفقات ذلك عبر «مدخرات الرعاية الصحية» وهو ما سيكون أمرا غير مقبول لدرجة أن الكونغرس لن يسمح بعرضها. ومع فرض الضرائب على الأثرياء التي يمكن أن تستخدم لخفض العجز فإن التوقعات بخفض عجز حقيقي ستمضي من أمر مبهم إلى موحش.

بعد إصلاح الرعاية الصحية ـ توسع ثان غير مسبوق للقوة الفيدرالية في الاقتصاد بصورة غير مسبوقة على حساب إصلاح الطاقة ـ هل سيطرح العجز الفيدرالي على الطاولة. وعندما يقوم بذلك سيدعم، على أقصى تقدير، إنشاء لجنة تلغي الحاجة إلى أوباما نفسه في وضع أي مقترحات غير شعبية. مقبول؟ هل هذا السيناريو يتوافق مع الأحداث؟ حسنا دعنا ندرس الرواية الثانية.

يهتم الرئيس أوباما على نحو خاص بالسيطرة على العجز الفيدرالي وتقييم المخاطر الوجودية على مستقبل الولايات المتحدة. وهو على استعداد للقيام بخيارات صعبة للتعامل معها لكنه يفهم أيضا حقيقتين جوهريتين: الأولى أن ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية واحد من عاملين أساسيين لزيادة هذا الدين (الآخر يتمثل في زيادة أعمار السكان) لذا ما من حل مقبول للمأزق الفيدرالي من دون التعامل مع هذه النفقات. الثاني أن النظام السياسي الأميركي لن يتقبلها حتى من رئيس يحظى بالشعبية وقادر على الإقناع فخطة الإصلاح مبنية بصورة موسعة على السيطرة على الإنفاق ـ حمية إسبانية من دون حلويات. لذا سعى أوباما إلى إقران السيطرة على الإنفاق بالجائزة التي طالما سعى إليها حزبه ـ نظام رعاية صحية عالمي. ويدرك أوباما أن التحكم في نفقات الرعاية الصحية سيتطلب تعديلات ثابتة لذا يسعى إلى وضع القرار في يد هيئة من الخبراء البعيدين عن السياسة. كما يعلم أن الإصلاح سيفشل إذا ما فرض على النظام لذا أعد منذ البداية قائمة بأسماء اللاعبين الرئيسيين الذين كانوا سيعارضون الإصلاح بصورة أوتوماتيكية بمجرد عرضه: أصحاب شركات التأمين وصناعة الأدوية والمستشفيات والاتحاد الطبي الأميركي. وفي النهاية يخلص إلى أن الفوز في برنامج إصلاح الرعاية الصحية سيمنحه زخما سياسيا يحتاجه للتعامل مع الدين الفيدرالي، لكنه العلم بأن أقطاب الكونغرس لن يوافقوا على إصلاح مالي جوهري لن يقدم إصلاحا ماليا جوهريا سيدفعه إلى التحول بالسلطة عن مناصري بيلوسي وهاري ريد عبر لجنة تستطيع تحمل الانتقادات لاتخاذ قرارات صعبة يعلم ضرورة اتخاذها.

تتسق تلك الحقيقة مع الحقائق ـ لذا ما هو الفيلم الحقيقي؟

قد ينتابنا شعور عندما تصل القصة إلى ذروتها ـ عندما يصل قانون الرعاية الصحية إلى المجلس ـ سنرى كيف سيدافع أوباما عن جانب إصلاح السيطرة على النفقات وعجز الميزانية.

لكن كما هو الحال بالنسبة لشخصية أوباما المتقلبة التي أغضبت المراقبين منذ البداية «وسطي أم ليبرالي؟ محاولا للتوفيق بين الآراء أم المناصر لأفكار حزبه) ربما تكون الإجابة الحقيقية هي: كلاهما.

يريد أوباما نظام رعاية صحية عالميا، ويعتقد أن ذلك يمكن أن يمهد الطريق لإصلاح مالي. إنها مقامرة جريئة لكن ذلك يكون فيلم أوباما ما لم يتضمن واحدة.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»