الفلسطينيون والإسرائيليون.. تشييد جدار فاصل هو الخيار الوحيد المتبقى

TT

هناك ما هو اسوأ من العنف والارهاب والمأساة الانسانية في الشرق الأوسط بين الاسرائيليين والفلسطينيين، فتصعيد الغضب والمرارات والآثار النفسية الدائمة التي تجعل من أي عملية للتطبيع امرا غير وارد خلال السنوات المقبلة اسوأ دون ادنى شك من العنف والارهاب. هذه المواجهة المستمرة تتطلب بالضرورة عملية فصل كامل بين الطرفين. فطالما استمر احتلال الضفة الغربية، فسيستخدم الفلسطينيون المقاومة المسلحة والارهاب. اسرائيل من جانبها لن تجري أي محادثات مع الفلسطينيين قبل وقف العنف، ونحن ندرك انه لن يتوقف. لقد تحولت مشكلة سياسية في الاساس الى حرب عرقية، كما تلوح في الافق بوادر حرب اقليمية. يحدث كل ذلك وواشنطن تبدو عاجزة عن فعل شيء.

ويمكن القول ان اساس الاعمال الارهابية يتعمق تدريجيا في ظل تحقيق المتشددين لبعض المكاسب. فكلما زادت اسرائيل من استخدام القمع المسلح، اصبح الرد الفلسطيني اكثر تطرفا. وفي نفس الوقت، تعرض اليسار الاسرائيلي لجرح قاتل وجرى إسكاته، إذ من الذي يستطيع الحديث عن تنازلات في الوقت الذي يتعرض فيه الاطفال للموت؟ المعتدلون ايضا فقدوا السيطرة وساعد مخزون الغضب والتشكيك على تفوق المتشددين من كل جانب على أي توجه معتدل. العناصر الفلسطينية الاكثر تشددا تتطلع في الوقت الراهن الى فتح حرب واسعة ضد الوجود الاسرائيلي وسيسعى لأي فرصة لتطويل أمد المواجهات والقتل، كما من الحماقة ان نعتقد ان ياسر عرفات او أي زعيم فلسطيني آخر قادر على منع ذلك.

يمكن للفلسطينيين الحصول على دولتهم المستقلة دون علاقات مع اسرائيل، كما من المحتمل ان تضطر الدولة الجديدة الى اعادة توجيه اقتصادها بكامله للحصول على استثمارات عربية، أي ان بوسع الدولة الفلسطينية ألا تصبح جزءا من اسرائيل. اسرائيل من جانبها يمكن ان تحصل على امنها وتحرر نفسها من عبء المحاولة المستمرة للسيطرة على الملايين من الفلسطينيين الذين لا يترددون في الموت في سبيل قتل الاسرائيليين وانهاء الاحتلال.

ليس ثمة شك في ان المستوطنات اليهودية المنتشرة في الضفة الغربية ستغلق تماما، خصوصا انها غير واقعية ولا يمكن تحمل عبئها في جو العنف الحالي.

تكمن اهمية وجود القوات الدولية في مراقبة الجزء الفلسطيني للتأكد من فعالية الجدار وذلك في اطار سعيها لإعادة الاوضاع الى طبيعتها.

اما فيما يتعلق بوضع القدس، فستقسم مرة اخرى، ولكن ألم تكن القدس منقسمة سيكولوجيا وعمليا لسنوات طويلة؟

ربما يحدث ان يسقط هذا الجدار في أحد الايام مستقبلا، غير ان ذلك سيحدث عندما يثمر منطق الفصل الكامل فوائد الهدوء والتسامح. لا يختلف اثنان حول حقيقة ان الحواجز التي تمتد اميالا شيء فظيع. ولكن هل يصدق احد ان الانتفاضة يمكن ان تنتهي طالما ظلت اسرائيل تحتل اراضي لأغراض أمنها وطالما ظل الفلسطينيون على استعداد للموت بأعداد كبيرة؟

من المؤكد ان عيش الاسرائيليين في ظل رعب يمنعهم من التمتع بأبسط المرافق والاماكن العامة والشعور بأن أي عربي ارهابي، أمر يصعب تحمله. اعتقد ان فكرة الفصل التام بين الطرفين امر كريه، غير ان للجدار معنى في بعض الاحيان.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»