قليل من الهدوء.. وكثير من الوعي

TT

كتبت الأسبوع الماضي عن «إنفلونزا الخنازير.. خطر كيف نتعامل معه؟»، وجاءت ردود الفعل متباينة، مزيجا من قلق وشائعات، وتهويل، وتلويم، وبعيدا عن فهم الوباء، وطرق الوقاية منه. أكثر الاتصالات التي وصلتني إفادة، بالنسبة لي، كانت من الدكتور خالد مرغلاني المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة السعودية، الذي هاتفني معقبا على مقالي السابق، حيث شرح لي الجهود التي تقوم بها الوزارة، وحقائق من الواقع.

سألت الدكتور خالد لماذا لا يتحدث المتعافون من الإصابة للإعلام حتى يطمئن الناس، وكان رده مفاجئا، حيث قال إن البعض «يطلب منا أن نستر عليه، وكأنه تعرض لعار، حتى بعد تماثله للشفاء».

ومع الإعلان عن وفاة 11 في السعودية سألت الدكتور مرغلاني عن عدد الحالات المصابة بالوباء في السعودية، وعدد الذين تماثلوا للشفاء، ولماذا لا ينبه أحد لهذا الأمر؟ فقال «إن العدد الرسمي بلغ تقريبا الألف حالة»، (وهذا ما سوف يعلن عنه اليوم، تقريبا)، مضيفا أن «95% من تلك الحالات قد تماثلت للشفاء». إلا أنه يقول إن الإعلام «يهتم بخبر الوفاة أكثر من أخبار النجاة»، وهذه حقيقة للأسف.

فكما أسلفنا في المقال السابق، هناك مبالغات في بعض الطرح الإعلامي مثل الدعوة إلى إبقاء الناس في منازلهم تجنبا للمرض، علما بأن أميركا، مثلا، قررت إعادة النظر في إغلاق المدارس في حال إصابة أحد الطلاب. ومن ضمن المبالغات، وعدم الإلمام بطرق الوقاية، من يتساءل ما إذا كانت طاقة المستشفيات السريرية تستوعب المصابين، والمعروف أن المصاب بالوباء يطلب منه البقاء بمنزله، ويعزل في غرفة خاصة، ويرسل له الدواء، ولا يدخل المستشفى إلا من لديهم أمراض أخرى ويخشى على سلامتهم.

لكن هناك قصة سعيدة في كل هذا الأمر المزعج، وهي ولادة طبيعية تمت لسيدة سعودية في الرياض مصابة بإنفلونزا الخنازير، وكانت صحتها وصحة جنينها بخير بعد الولادة، والحمد لله، وهي حالة عالمية، وليست سعودية فقط، فأكثر من يخشى على سلامتهن هن الحوامل.

والقضية هنا ليست تصوير الأمور بطريقة وردية، لكن المهم، والأهم، هو التذكير، مرة أخرى، بأن خير مجابهة لهذه الوباء هي الوقاية، ودور الإعلام هو التوعية، والإجابة عن تساؤلات الناس وتبديد ما لديهم من قلق، وذلك من خلال تثقيف المتلقي بنوعية الوباء، وأفضل طرق الوقاية منه، مثل غسل اليدين، وتجنب العطس من دون منديل، وأعراض المرض وخلافه.

هذا هو دورنا، وهذا ما يقوم به الإعلام في جميع دول العالم، وبدلا من تداول الشائعات فعلى المتلقي أن يعمد إلى مصادر موثوقة، وعدم تلقي معلوماته من مواقع إنترنت تنشر تحت أسماء مستعارة. فمن الممكن اللجوء إلى مواقع وزارات الصحة، وموقع وزارة الصحة السعودية منها، وتتوافر فيه معلومات مهمة، وكذلك مواقع المنظمات الصحية العالمية أو الصحف المحترمة التي لا تلجأ للإثارة.

الأمر المؤكد اليوم في التعامل مع هذا الوباء هو أن جميع الدول تلجأ إلى الوقاية، والتوعية، في مجابهة هذا الوباء، ونسأل الله السلامة للجميع من كل مكروه.

[email protected]