«أرض المعاد» التي تحلم بها القاعدة

TT

كتبت قبل بضعة شهور مقالا بعنوان «اليمن.. ماذا لو مضت الفتنة إلى نهاياتها الفادحة؟!» أشرت فيه إلى أن الفتنة التي تطل برأسها في اليمن لو قدر لها أن تمضي إلى نهاياتها الفادحة، فلن يكون هناك منتصر، وسيتقاسم الجميع الهزيمة والخيبة والمرارة، وسيكون اليمن باستقراره وأحلامه وتطلعاته هو الضحية. وكان الدافع لكتابة المقال ظهور بعض الأصوات الجنوبية المطالبة بفرط عقد الوحدة التي تحققت في عام 1990، بحجة اختلال المشاركة العادلة في الحياة السياسية، والاقتصادية، والوظيفية بين الشمال والجنوب، ويضاف إلى الهم اليمني اليوم دخوله في حرب مواجهة مع الحركة الحوثية، ولهذه الحركة تعقيداتها الفكرية، والعسكرية، والسياسية، وكذلك تشابكات علاقاتها، ومصالحها، ومطالباتها، بصورة تجعل قضية الحسم ليست سهلة المنال، رغم ما يمكن أن تحققه الحكومة من انتصار على المستوى العسكري، وأتمنى أن لا يكون اليمن قد تأخر كثيرا في معالجة الأخطاء التي اعترف بها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، حينما أشار إلى أن ثمة ممارسات ينبغي تصحيحها، فبذور الفتنة في اليمن كانت تلوح في الأفق منذ زمن، واقتصرت معالجاتها على المسكنات الوقتية والحلول الجزئية بدلا من المعالجات الدائمة، حتى أن البعض ينعت المواجهة الحالية بين الحكومة والحركة الحوثية بالحرب السادسة، ولا يلوح للكثير من المتابعين للشأن اليمني أن القوى المتصارعة في اليمن تدرك الأخطار المحدقة ببلادها، أو أنها تستشعر مسؤولياتها تجاه إنقاذ اليمن من مصير مؤلم لو آل إليه اليمن فإنه سيقضي على الغد، والحلم، والمنجز.

فاليمن بوعورة تضاريسه، وأهمية موقعه، كان ولم يزل يشكل «أرض المعاد» التي تحلم بها «القاعدة» بدلا من أفغانستان النائية، أو الصومال البائس، فلو تمكنت «القاعدة» من ضرب أطناب خيامها في اليمن، فإن اقتلاعها منه سيكون أمراً شديد التعقيد، وباهظ التكلفة، ولذا فإن دعم اليمن الواحد لحل مشكلاته الداخلية على أسس من العدالة، والإنصاف، وتكافؤ الفرص بين مكونات المجتمع اليمني واجبٌ بالغ الأهمية على كل من سيتضرر من فقدان الاستقرار في اليمن، وفي المقدمة دول الخليج العربي، والدول الكبرى ذات المصالح المباشرة بأمن الحركة الملاحية في هذه المنطقة المهمة من العالم.

وليحمِ الله اليمن واليمنيين.

[email protected]