أعصاب الفتاة الجميلة

TT

من المواقف المحرجة التي وقف عليها أخذ يحدثني قائلا:

كنت أسكن في أحد الفنادق الكبيرة والسياحية الراقية، وفي إحدى الليالي نزلت إلى المطعم لتناول العشاء، ولفتت نظري فتاة تجلس على طاولة لوحدها وترتدي فستاناً أنيقاً لونه أبيض، ويبدو أنها بعد العشاء كانت ستذهب إلى مناسبة ما أو سهرة ما.

سألته بشفاحة: هل هي جميلة؟!

استخف سؤالي لأنه قال: هذا ليس موضوعنا، أرجوك لا تكن عجولا، اسمع الكلام للآخر وبعدين اسأل، قلت له: حاضر، وصمت شابكاً أصابع يدي بعضهما ببعض.

قال: بينما كان (الغرسون) يدنو بالأطباق التي طلبتها من مائدتها، وإذا بأحد الضيوف ينهض من مكانه فجأة، فاختل توازن الغرسون وإذا بالحساء والصلصة والخضروات تندلق في حضن الفتاة وتلطخ فستانها.

فسألته بنوع من الانزعاج الحقيقي قائلا: إن شاء الله الأكل الحار (ما لسعها) عندما اندلق في حضنها؟!

توقف عن الكلام ونظر لي ملياً وقال: هذه هي المرة الثانية التي تقاطعني فيها بالكلام، يا أخي أنا ايش عرفني إذا كانت قد انلسعت أم لا؟!، ثم من أين أنت تعرفها حتى تتأثر وتخاف عليها إلى هذا الحد؟!، لا حول ولا قوة إلاّ بالله.

اعتدل في جلسته وقال: إن الذي لفت نظري في تلك الفتاة ليس شكلها، ولكن تحكمها بأعصابها وإرادتها، حيث أنها لم تصرخ أو تضطرب أو تهتز، رغم أن كل من كان في المطعم توجهت أنظارهم لها، وموظفو المطعم هرولوا ناحيتها ليمسحوا ثوبها ويعتذروا لها.

غير أنها قالت للغرسون المضطرب والخجلان: إن ذلك الفستان كان في الواقع قبيحاً، وكنت مترددة بارتدائه أصلا في هذه الليلة، وشكراً لأنك أعطيتني الفرصة لأحسم الأمر.

والتفتت لمدير المطعم قائلة: إنني أسكن في الطابق الرابع في نفس الفندق، فاحتفظوا بطعامي ساخناً لو سمحتم، وسأعود في الحال.

وفعلا ما هي إلاّ ربع ساعة، وإذا بها تعود بفستان أكثر شياكة وأناقة، وأشارت لمدير المطعم أن يقترب منها ثم همست بأذنه وكنت أسمعها جيداً لأن طاولتي كانت بجانبها تماماً، وقالت: إن عاقبتم ذلك الغرسون فإنني سأمتنع عن المجيء إلى مطعمكم، بل سأترك الفندق نهائياً.

وما أن انتهت من طعامها حتى نادت على الغرسون (التعيس) وإذا بها تعطيه (بخشيشاً) مجزياً، وخرجت وهي تبتسم وسط إعجاب الجميع.

عندها سألته: ألم تذهب إليها وتعبر لها عن إعجابك عملياً؟!

فأجابني وقد فاض به الكيل: ليه هم قالوا لك إني مشعل؟!

[email protected]