حماس.. التطرف يولد تطرفاً

TT

ها هو استخدام السلاح يعود إلى غزة مرة أخرى بين الفلسطينيين، بحجة الجهاد، وباسم الدين والقضية، ولكن هذه المرة ضد حركة حماس الإسلامية، حيث أعلنت حركة متطرفة أول من أمس عن إمارة إسلامية جديدة، واعتبرت أن حماس علمانية، وتدعي الإسلام زوراً!

السلفية الجهادية، أو «جند أنصار الله»، أعلنت من رفح قيام «إمارة فلسطين الإسلامية.. أكناف بيت المقدس»، حيث طالب الدكتور عبد اللطيف موسى المعروف باسم أبو النور المقدسي أتباعه «بالسمع والطاعة».

واعتبر المقدسي في خطبة الجمعة أن حماس إن بقيت على ما هي عليه فهي بمثابة حزب علماني ينتسب للإسلام زورا مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على حد تعبيره، مما يبدو معه أن شهر العسل بين الحكومة التركية ومتطرفينا قد انتهى، وهذا موضوع نعود له في مقال مستقل.

المقدسي اعتبر أن حماس تخشى الغرب، وخصوصا أميركا، وتخافهم، ويقول إنه ما يزال أمام حركة حماس وحكومتها «فسحة وبحبوحة من أمرها ما لم تقترب من مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية» الذي يحتمي به.

والسؤال هنا، هل ما حدث في غزة مفاجئ؟ بالطبع لا، فهو أمر مفاجئ لمن سرقتهم السكينة، وصدقوا حماس، بل وكفروا، وخونوا كل من قال إن انقلاب حماس في غزة خطأ، بل وجريمة، وإن ما أحدثته الحركة الإخوانية بغزة سيؤدي بالقطاع كله ليكون مثل أفغانستان طالبان، وهذا ما حدث. كما أن الأمر قد يبدو غريباً للبعض، نظراً للرقابة والتكتم الإعلامي هناك، ناهيك عن التواطؤ من قبل بعض الإعلام والإعلاميين العرب حيال تغطية الأوضاع في قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية أول هذا العام.

فاللغة المتطرفة التي استخدمتها السلفية الجهادية بقيادة المقدسي لا تختلف عن اللغة التي استخدمتها حماس ضد فتح، من مزايدات، وتخوين، واتهام بالعمالة، ويكفي هنا تذكر ما قاله الرئيس الفلسطيني عباس بأن حماس كانت تتسابق على قتل أعضاء فتح بالقول «دعني أدخل به الجنة».

ولذا فإن ما حدث أمر طبيعي لأن التطرف لا يولد إلا التطرف، والانقسام لا يجلب إلا المزيد من التخلف والانقسام، ولذا فقد خرجت حركة متطرفة جديدة ترى حماس متساهلة، وخائنة، وعلمانية، وكم أتمنى لو أن هناك كاميرا ترصد لنا وجوه قيادات حماس، ومن ناصرهم في عالمنا العربي، وهم يرون الحركة المتطرفة الجديدة وهي تصف حماس بالعلمانية، والخيانة.

ولذا فنحن الآن أمام مفترق مهم سنرى فيه كيف يتعامل العاطفيون، والمغرر بهم، والمؤدلجون، مع ما يحدث في غزة، خصوصا أن حماس هددت بهدم الموقع الذي يعتصم فيه أنصار حركة جند أنصار الله، وعلى الطريقة الإسرائيلية التي تهدم بيت كل من يحمل السلاح ضدها من الفلسطينيين.

اليوم بإمكاننا أن نقول لحركة حماس الإخوانية في غزة، وأنصارها في العالم العربي، وخصوصا المنافحين عنها، من الكتاب في الصحافة الخليجية بشكل عام، و«مجاهدي» الانترنت، بشكل عام، بضاعتكم ردت إليكم، والتطرف لا يأتي إلا بالتطرف، وطالما أن حماس لا تقدر الأمور حق قدرها، فإن القادم في غزة أسوأ.

[email protected]