شخص صدف أنه سيدة

TT

تحتل الفراو أنجيلا ميركل أغلفة المجلات الكبرى من «الايكونومست» إلى «التايم»، من «در شبيغل» إلى «باري ماتش». ليس كامرأة. فقد نسيت أوروبا منذ فترة هذا الاختلاف بالنسبة إلى أول امرأة في زعامة ألمانيا في التاريخ. لم يعد ذلك مهماً أو في بال أحد. ثم إن الفراو أنجيلا، ليس لها في الأنوثة ما لها في السياسة وفي القيادة. ومن حيث المقاييس الجمالية، تبدو مثل ربة بيت عادية عائدة من التسوق لأحفادها، أو مثل مديرة مدرسة صارمة في الريف الألماني.

لكن العالم لا يقارنها بمواطنتها الساحرة مارلين دييتريش أو بقامة كلوديا شيفر. وإنما هم يقارنونها بالمسيو ساركوزي والمستر براون. دعك من السنيور برلسكوني، لا أحد يأخذه على محمل الجد. وتخرج الفراو أنجيلا من جميع المقارنات متفوقة ومقدَّرة. لا. ليس كمارغريت ثاتشر. نحن أمام دولتين مختلفتين وشعبين مختلفين وثقافتين شديدتي الاختلاف. ليست امرأة حديدية أو فولاذية. لا تسحق معارضيها ولا تكسّر وزراءها. بل هي، في هذا الباب، سيدة باهتة ومحدودة. لكن الفراو أنجيلا، مثل معظم مواطنيها، مجبولة من عمل وكد. لاحظ جنابك أنه ليس من ألماني اشتهر بالظرف أو بالسخرية أو بالدعابة. ولا وقت لطق الحنك. عندما يريد الألماني أن «يرتاح» يحرث حديقته أو يتبرع بساعات عمل إضافية للمجلس البلدي.

الحمد لله أنهم عادوا من الحرب. القرون الماضية، من أيام روما إلى الحرب العالمية الثانية، لم تكن لهم حدائق يحرثونها. كانوا يريدون جعل العالم كله تحت جناح النسر العابس أبدا في انتظار الانقضاض. تصور الفارق الآن: سيدة في كرسي هتلر. سيدة نشأت في ألمانيا الشرقية، زمن الفصل والجدار، وهي الآن تحكم ألمانيا التي، على نحو ما، تتحكم بسياسات أوروبا. الوحدة يا مولانا لا تعني أنه أصبح في إمكان اليونان أن تتولى القيادة. أو بلجيكا. أو بولندا. فالقوى التي كانت قائمة قبل توسع الوحدة لا تزال على حالها. ولا تزال ألمانيا في المقدمة، بصناعاتها وإنتاجها وجديتها. وإذا كانت المرأة قد بلغت الحكم فإنها قبل ذلك حملت الحجارة وعملت في المصانع والمناجم وسائقة للقطارات. لم تعط المساواة بل اكتسبتها. وثمة غرابة شديدة في الزعامات الألمانية في أي حال. لاحظ من أي خلفية جاء هتلر، وسلف الفراو أنجيلا، الهر شرودر كان بائساً وقد جعل سائق تاكسي سابقاً وزيراً لخارجيته. وكانا ثنائياً ممتازاً. من هو وزير خارجية الفراو ميركل. يجب أن تحك ذقنك لكي تتذكر. لقد طغت صورة المستشارة على كل من حولها. وببساطتها الخارقة ومظهرها المبالغ في العادية، أصبحت هي الاسم الوحيد في الدولة، والشخص الوحيد الذي يتابعه العالم. ويجب أن ننسى للحظة أنها امرأة، فقد اعتاد العالم على أن الفراو ميركل شخص يدعى أنجيلا. لا داعي للرسميات. إنها لا تحمل حتى حقيبة يد نسائية.