موت رجل شجاع

TT

عقب حوادث 11 سبتمبر الأليمة في الولايات المتحدة الأميركية، وجد البعض من رجال الأعمال السعوديين والعرب أنفسهم في دوائر الاتهام والاستهداف من قبل بعض الكتاب ووسائل الإعلام في الغرب، ومن الذين تعرضوا للاتهامات، المصرفي ورجل الأعمال السعودي خالد بن محفوظ الذي انتقل أمس الأول إلى رحمة الله إثر أزمة قلبية مفاجئة، وكنت قد كتبت عن خالد بن محفوظ قبل بضعة شهور مقالا بعنوان «ابن محفوظ.. وكم في الساحة مظاليم!» أثنيت فيه على شجاعة الرجل الذي لم يتخاذل أو يضعف في مواجهة الاتهامات التي انهالت عليه من قبل بعض الكتاب ووسائل الإعلام في الغرب، الذين حاولوا أن يربطوا بينه وبين تمويل القاعدة، أو الإسهام في عمليات بنكية غير مشروعة، فانبرى يدافع عن نفسه، وقضى سنواته الأخيرة يلاحق قانونيا كل الذين ظلموه من الكتاب ووسائل الإعلام الغربية، وانتصر عليهم واحدا بعد الآخر، بحصوله على عدد من الأحكام المتتالية ضد خصومه في ساحة القضاء، وتأكيد براءته، وفضح ادعاءات متهميه.

ففي بريطانيا حصل على حكم من إحدى المحاكم ضد مؤلف كتاب «حصاد الدوامة» مايكل غرين، وكذلك على «دار بلوتو» التي قامت بنشر الكتاب، كما حصل بعدها في ساحة القضاء البريطاني أيضا على حكم آخر ضد كل من المؤلفة الأميركية ريتشل إهرنفيلد، مؤلفة كتاب «funding evil»، والناشر «بونس بوكس إنك»، وقضى الحكم بدفع 10 آلاف جنيه إسترليني كتعويض عن الضرر، كما أمرتهما المحكمة بدفع تكاليف مؤقتة قدرها 30 ألف جنيه إسترليني، ومنعهما من تكرار مثل هذه المزاعم المسيئة للسمعة، ولم يكتف خالد بن محفوظ بالحكم الذي صدر له في لندن ضد الكاتبة الأميركية اهرنفيلد، فذهب لملاحقتها قضائيا في عقر دارها بالولايات المتحدة الأميركية، حيث عاشت حالة قلق، وخشية من أن يكسب ابن محفوظ الدعوى، الأمر الذي دفعها إلى القيام بحملة إعلامية لمنع المحاكم الأميركية من النظر في القضية المرفوعة من قبل رجل الأعمال خالد بن محفوظ عليها بذريعة حماية حرية التعبير.

هكذا تغلب خالد بن محفوظ على خصومه الذين أتعبوا قلبه، ومات وهو ينعم ببراءته ونقائه وانتصاره، وللرجل في ميادين الإحسان مواقفه ومآثره، ولن أنسى ما حدثني به ذات يوم مدير سابق لأحد المشافي، حينما قال لي: «كنا نعتزم تنفيذ مشروع للمستشفى بمساهمة من القطاع الخاص، وكنت أتصور أننا سنحتاج إلى عدد من رجال الأعمال للتبرع بتكلفة المشروع، وحينما التقيت بخالد بن محفوظ بالصدفة لأحدثه عن المشروع سحب دفتر شيكاته، وتبرع وحده بكامل المبلغ».

فليرحم الله خالد، ولتكن شجاعته في مواجهة الخصوم مثالا يقتدي به المتهمون لتأكيد براءتهم، وفضح ادعاءات خصومهم.

[email protected]