ثمن ندفعه مقابل غضب مجلس المدينة

TT

لدى مشاهدة مظاهر الاحتجاج التي تمارس في اجتماعات كونغرس المدن من قبل معارضي إصلاح الرعاية الصحية، أدركت أنه لا بد أن يذكر شخص ما من قادة الجمهوريين ممن ينتشون بمتابعة المشاهد الشبيهة بتلك التي كان يقوم بها بروس آلغر.

فقد كان آلغر أول نائب جمهوري في الكونغرس ينتخب في ولاية تكساس في العصر الحديث، حيث فاز بمقاطعة دالاس عام 1954 وفي عام 1960 وبعد أيام قلائل من الانتخابات الرئاسية كان واحدا من بين الحشد الذي ضم بضع مئات ممن أحاطوا بـ«ليندون جونسون»، المرشح الديمقراطي لشغل منصب نائب الرئيس، وزوجته لادي بيرد عندما وصلا إلى مأدبة الغداء في فندق في دالاس.

حمل المتظاهرون لافتات تصف سيناتور تكساس بـ«يهوذا»، وكتب على لافتة آلغر: «إل بي جيه انضم إلى الاشتراكيين الشماليين».

وقد كتب حينئذ واصفا المشهد: «أحاط المتظاهرون بعائلة جونسون وتعرضوا للسباب والمضايقات لأكثر من نصف ساعة، لدي عبورهم ردهة الفندق. ورفض جونسون مساعدة الشرطة قائلا لمساعده، إذا حان الوقت الذي لا أستطيع فيه عبور ردهة فندق أدولفاس مع زوجتي فمن الأفضل أن أعرفه».

وكان الرد سريعا وقويا حيث كتب كاتبا الرأي المحافظان رولاند إيفانز، وروبرت نوفاك، في كتابهما: «أثار المشهد في أدولفاس غضب الآلاف من سكان تكساس والجنوبيين، فاتصل السيناتور ريتشارد راسل، الذي لم يترشح لنيل منصب حزبي على المستوى الوطني منذ عام 1944، بجونسون تلك الليلة عارضا عليه خدماته. وخلص كاتبو سيرة جونسون إلى أنه في الوقت الذي لا يستطيع أحد تأكيد تلك الواقعة، إلا أنها تعتبر فرضيات مقبولة، وأن حادثة أدولفاس ساهمت في تحول تكساس والولايات الجنوبية الأخرى المؤيدة للديمقراطيين. وفي عام 1964 عندما ترأس جونسون الولايات المتحدة هزم آلغر في الانتخابات.

تذكرت هذا المشهد عندما رأيت ما حدث للنائب جون دينغل، النائب عن ميتشغان، والديمقراطي المهيب الذي قوبل باستهجان من محتجين في اجتماع المدينة على قوانين الرعاية الصحية في روميلوس بولاية ميتشغان، الذي مثلها دينغل، البالغ من العمر 83 عاما، لمدة 53 عاما، نجا خلالها من كل حالات المد السياسي والجهود الجمهورية لإزالته من منصبه.

بيد أنه مع ذلك، لقب بـ«المحتال» من قبل امرأة قالت إن الخطة التي دعمها في اللجنة ستفرغ حافظتها ومن ثم لقي معارضة كبيرة من مئات آخرين وجدوا في الاجتماع.

أشار دينغل إلى أنه لم يواجه أي حشد غاضب كهذا منذ أن صوت لقانون الحقوق المدنية عام 1964، وقال: «لكنني عجوز قوي ولن أتردد».

هذه المشاهد الشبيهة بما وقع في روميلوس تناقلتها القنوات الإخبارية، وقعت خلال لقاء النواب الديمقراطيين أبناء دوائرهم الانتخابية أثناء عطلة الكونغرس في شهر أغسطس (آب). وكانت الكاميرات تراقب السيناتورات من أمثال آرلين سبكتر، وكلير ماكاسكيل، وهم يلقون خطبهم يوم الثلاثاء.

ما لا يجعل من الحدث خبرا جديرا بالذكر هو حجم ردة الفعل بين العدد الأكبر من الناخبين، الذين ستؤثر آراؤهم في النهاية على مصير تشريع الرعاية الصحية.

فلم تجر أي استطلاعات للرأي منذ أن وقعت هذه المظاهرات، لكن المقالة الافتتاحية في صحيفة «ديترويت فري برس» الصادرة يوم الثلاثاء تقول: «إن الازدراء الذي قوبل به دينغل في ولاية قدم فيها مثل تلك الإسهامات لا يغتفر».

كان هناك الكثير من تلك الافتتاحيات، التي جعلت بعض القادة الجمهوريين يتنبهون إلى خطورة ذلك. فسارة بالين، التي أطلقت على خطة أوباما للرعاية الصحية على صفحتها على شبكة «فيس بوك» «دعم الشر» قالت: «يجب علينا الالتزام بمناقشة القضايا وعدم التحول عن غايتنا بأساليب أخرى يمكن أن تتهم بأنها اعتداءات أو مضايقات».

لكن يبدو أن غالبية القادة الجمهوريين لم يفهموا الرسالة، فقد اتصل بي النائب الديمقراطي ديبي وازرمان شولتز، الذي يمثل المقاطعة الأكثر كثافة باليهود في فلوريدا، لكي يشكوا من أن قادة الحزب الجمهوري لم يتنكروا من تصريح راش ليمبايو، التي شبهت خطة الرعاية الصحية بتلك التي طبقها النازيون.

لا نزال بحاجة إلى المزيد من التطوير في قوانين الرعاية الصحية، لكني أعتقد أن هؤلاء المعارضين الغاضبين يلعبون بالنار.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»