مراقبة الثورة

TT

لقد وقع البيت الأبيض في يد حزب المعارضة، كما وقع مجلس الشيوخ ومجلس النواب في يده، إلى الحد الذي يجعل استرجاع أي منهما في الانتخابات المقبلة ضربا من الخيال. وليس هناك مرشح يظهر في الأفق لدخول السباق الانتخابي المقبل، بحيث يستطيع إثارة إعجاب القاعدة والوسط كذلك. فهل تسأل عن موقف الجمهوريين اليوم؟ حسنا، نعم، ولكن الوضع يشبه ما كان عليه الحال عندما كنت ديمقراطيا منذ أربع سنوات، عندما تركت عالم التقنية واتجهت للعمل إلى جانب الديمقراطيين.

ويركز النقاد في القنوات الإخبارية اليوم على دائرة الأخبار وسياسات الهوية مثلما كانوا يفعلون منذ أربع سنوات. ومع ذلك، فقد أغفلوا خبرا كبيرا كانت معالمه تتطور، وربما يفقدون متابعته في الوقت الحالي. لقد كانت بذور نجاح الديمقراطيين اليوم قد زُرعت منذ أربع سنوات. وقد تطول قائمة النجاح، ولذا فإنني سوف أركز على القليل منها فقط:

في سباق حاكم فيرجينيا عام 2005، تم استخدام تكتيكات دعائية جديدة لتحديد المؤيدين المحتملين لتيم كين وزيادة الاستفادة من أموال الحملة الانتخابية. ولأن انتخابات فيرجينيا لم تكن تتضمن تحديد الحزب بتسجيل الناخبين، فقد كانت هناك حاجة إلى أساليب أكثر تعقيدا، بما في ذلك استخدام الاستهداف الدقيق، من أجل العثور على المؤيدين المحتملين. وقد استخدم كين هذه الأساليب بمهارة حتى إنها أصبحت علامة على السباقات الديمقراطية في عام 2008. وفي حقيقة الأمر، فإن هذا النجاح قد ساعد شركة «كاتاليست»، وهي الشركة التي أسسها هارولد إيكس والتحقت بها في عام 2005. وتقدم «كاتاليست» البيانات المعقدة لجماعات المصالح والحملات الانتخابية الصغيرة والكبيرة.

وكما ورد في كتاب مات باي الممتاز «الجدلية: المليونيرات والمدونون ومعركة إعادة رسم سياسات الديمقراطيين» فإن الديمقراطيين الأثرياء قد بدأوا في الالتحام حول بناء مؤسسة لا تجلب مجرد تبرعات كبيرة وإنما تبني كذلك الأدوات اللازمة لتقييم صحة المؤسسات قبل توزيع مثل هذه التبرعات. وقد قامت هذه المؤسسة وهي تحالف الديمقراطية بالتبرع لعدد من الجماعات التي لعبت دورا هاما في انتخابات عام 2008، ولم يتم ذكر التحويلات في التغطية اليومية للانتخابات.

وكما يكتب باي، فإن اليسار قد قام بتطوير توازن مقابل لإذاعة جناح اليمين في شكل مدونات تسمح للمؤيدين بتطوير وتحديد وجهات نظرهم من خلال مجموعة من آراء القادة. وقد زاد ذلك التحرك من القدرات التنظيمية، ليس داخل الحزب الديمقراطي فقط، وإنما في مجموعات مثل منظمة «موف أون».

وفي الوقت نفسه، فإن تعقيدات جمع الأموال من خلال الإنترنت قد تقدمت خلال السنوات الأربع الماضية. وقد سمحت خدمات المؤيدين مثل «أكت بلو» لأي فرد بأن يكون متبرعا مباشرا لأي مرشح يحبذه كما سمحت بالجمع الفوري للتبرعات من خلال مواقع الإنترنت.

وقد حجبت نتيجة انتخابات 2008 جزءا كبيرا من أهمية مثل هذه التطورات في البنية التحتية. لكن هذه التطورات لعبت دورا هاما في ارتفاع ذلك الهامش الكبير للنتائج وفي حشد تحويلات الديمقراطيين.

وفي هذا الربيع، كانت هناك تغطية إعلامية كبيرة مخصصة «لحفلات الشاي»، ولكن ما نوع قوائم المشاركين التي قام المنظمون بإنشائها؟ ما الأموال التي تم جمعها من الأفراد بعد حفلات الشاي؟ هل هناك علامات على أن ذلك كان بداية لتحرك جديد؟

لقد غطت وسائل الإعلام إنجازات وإخفاقات سارة بالين الحاكمة السابقة لولاية ألاسكا، ولكننا لم نرَ حتى وقتنا الحالي أي محاولات لترجمة أهميتها باستخدام قياسات القوة التي استخدمها الرئيس أوباما. فإلى أي مدى يبلغ عدد مؤيديها؟ وكم من المال تستطيع جمعه؟ وكم عدد المتطوعين الذين تستطيع جلبهم إلى سباق «لوار 48» في عام 2010؟ وهل تستطيع بالفعل التأثير على الجدل الدائر بشأن الرعاية الصحية والطاقة من خلال المزيد من الخطابات والأخبار؟

لقد فشل هوارد دين في الفوز بترشيح الديمقراطيين عام 2004، لكن حملته المبتكَرة جعلته يرأس اللجنة الوطنية الديمقراطية، وتحت قيادته حدثت تطويرات عديدة للبنية التحتية داخل حزبه. وفي هذه الأثناء، فإن أكثر المرشحين الرئاسيين الجمهوريين ابتكارا عام 2008 وهو رون بول قد جاء على الهامش بسبب آرائه السياسية. ليس ذلك نقدا للجمهوريين، لكن الاتجاه العام لوسائل الإعلام لم يقُم بتغطية العديد من الابتكارات التي وضعت أسس الإحياء الديمقراطي، ومن الممكن أن تحدث هذه الأشياء مرة أخرى الآن. وإذا كانت وسائل الإعلام ترغب بالفعل في خدمة الصالح العام فإن عليها تغطية البنية التحتية السياسية. في منتصف عام 2005، كان أوباما أحد رجال الكونغرس ولم يكن هدفا للتوقعات الرئاسية. وليس المرشح الرئاسي الجمهوري التالي نجما في الوقت الحالي، فهو مرشح مثل بقية المرشحين يأتي من ذلك «الميدان» الذي يشمل الشاب النشط ماركو روبيو من فلوريدا، وقد يكون أحد «المفضلين» مثل ميت رومني أو نيوت غينغريتش أو بالين.

ومع احتدام النقاش حول الرعاية الصحية وسباق حاكم فيرجينيا وانتخابات العام المقبل، فإننا سوف نستفيد جميعا من فهم كيفية مساعدة البنية التحتية السياسية في التأثير على كل من النتائج والمستقبل.

* خدمة «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»