أجمل التهاني

TT

أولا: أهنئ الجميع بدخول شهر رمضان المبارك.

وهو الذي قال فيه تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون».

ثانيا: علمني أهلي أن أصوم منذ الصغر، كانت البداية هي الصوم من الصباح حتى وقت الغداء، ثم تطورت رويدا رويدا إلى أن وصلت إلى المغرب، غير أنني الآن أعترف بكل خجل أنني كنت بين الحين والآخر أصوم (من وراء الزير) ـ أي أسرق كوبا من الماء وأشربه دون أن يلاحظني أحد ـ وغاب عني أن الله يعلم السر وما أخفى.

وبعد أن شببت على الطوق التزمت بالصيام كأي ناسك متعبد، ولكنني في يوم من الأيام وقعت بالمحظور لا شعوريا، وكان ذلك في أول يوم من الشهر، ولا أدري كيف راح عن بالي أننا في رمضان، وأحضرت الأكل ورحت ازدرده بشهية طاغية، وإذا بأحد أقاربي يدخل علي ومن هول المفاجأة صاح بي: كيف تأكل في رمضان يا خسيس؟!، عندها ارتعبت وتذكرت أنني قد اقترفت إثما, وكادت اللقمة أن تتوقف في حلقي، وأصابني كرب شديد لم يبدده غير رجل عالم ومتدين عندما سألته عن الكفّارة التي تتوجب علي أن أؤديها؟!

فسألني هو بدوره: هل أنت عندما أكلت كنت متعمدا أم ناسيا؟!

قلت له: ناسيا، قال: احلف، فحلفت له على المصحف أنني كنت ناسيا.

عندها شرح صدري وقال: في هذه الحالة لا إثم ولا كفارة عليك لأن الله هو الذي أطعمك وسقاك، ومن فرحتي لم أتمالك نفسي فأخذته بالأحضان، وكان ذلك اليوم من أسعد وأسهل أيام الصوم التي مرت علي في حياتي، إذ إنني لم أشعر خلاله بأي جوع أو عطش.

واليوم نشاهد أغلب الناس لا يطبقون الحكمة من فريضة الصوم، بإسرافهم وتفننهم بالمأكولات، وكان من المفروض أن يكون الإنسان في هذا الشهر أكثر زهدا وتلمسا لاحتياجات المحرومين، صحيح أن هناك موائد رمضانية تنصب للفقراء ـ أشهرها مائدة الفنانة (فيفي عبده) ـ غير أن البعض يفعلها من أجل (الفشخرة) لا أقل ولا أكثر.

وفي إحصائية تخيلتها وجدت أن الإنسان العربي الفرد، يتناول من الطعام في حياته ما معدله في المتوسط: 20 طنا من الخبز، سيارتا شحن كبيرتان من الأرز، ومن اللحوم 30 بقرة أو ما يعادل 150 خروفا (هرفي)، وأربعة آلاف كيلو من السكر، وألف كيلو من الملح، هذا غير (التحابيش) من الفول والكنافة والبسبوسة والذي منه.

أما أتعس صيام فهو الذي يمتد لعدة أسابيع ويقوم به ذكر (الصّلور)، وهو نوع من أنواع سمك البحار، فالذكر يحتفظ في فمه بالبيض الذي وضعته الأنثى، ولا يأكل حتى يفقس.

غير أن ما (يقهر) أن الأنثى لم تكتف فقط بتعذيب ذلك الذكر التعيس بالصوم، بل إنها كذلك تذهب إلى ذكر آخر ليلقحها ثم تضع بيضها في فمه هو الآخر ويصوم حتى يفقس البيض.

وهكذا تجعل ما لا يقل عن خمسة أو ستة من الذكور (الهبل) صائمين دفعة واحدة، وهي دائرة في المياه على حل شعرها، فلا صوم عندها ولا ما يحزنون.

الحمد لله أنني إنسان ولست بذكر (صّلور).