ممنوع دخول الشعراء.. العقاد ليس مجنوناً

TT

ثلاثة هم أعضاء (جماعة الديوان): العقاد وعبد الرحمن شكري وإبراهيم عبد القادر المازني. أكبرهم العقاد وأقربهم إلى الفلسفة والمنطق والتحليل العقلي. وأشعرهم عبد الرحمن شكري وأكثرهم كآبة ورغبة في اعتزال الناس وأقلهم إيمانا بالإنسان. فهو يرى أن الإنسان حيوان لسوء حظه صار إنسانا ولسوء حظه مرة أخرى أنه غير قادر على أن يرتد حيوانا..

وأخفهم دما وألطفهم وأكثرهم إحساسا إبراهيم عبد القادر المازني وهو في سن العقاد قصير القامة به عرج خفيف.. ورأيي الشخصي أن المازني هو الأديب الوجودي الوحيد في الأدب العربي. وهذا واضح في قصصه وفي فلسفته السياسية. ولان المازني لم يعمل في الصحف ولأنه انطوائي يأسا من الناس، فلم ينتبه النقاد إلى أنه لمس كل القضايا الفلسفية المعاصرة وفي غاية التواضع..

ولسوء حظي لم أقابل المازني إلا مرة واحدة. والسبب أنني انشغلت بالعقاد عمن سواه من المفكرين ـ طه حسين مثلا. وندمت على السنوات التي ضاعت دون أن اعرف طه حسين الأستاذ والأب الرقيق..

والعقاد ليس مجنونا ـ إلا إذا اعتبرنا محاولته الانتحار مرتين.. وفي الحالتين كان السبب واحدا: ليس معه ما يجعله يعيش يوما واحدا.

حتى راح يبعث لأصدقائه أن يساعدوه ماديا.. ولا يزال الخطاب الذي بعث به إلى العصامي لطفي جمعة، نموذجا على الهوان ونقطة سوداء في حياتنا الأدبية.. فالعقاد لا يجد قوت يومه؟!

والخطاب الذي بعث به إلى لطفي جمعة يقول فيه:

ساعدني ولا تهرب مني كما فعل كثيرون. لا أجد قوت يومي..

وهو ما قاله قبله أديب فيلسوف أو فيلسوف أديب هو أبو حيان التوحيدي في كتابه (الامتاع والمؤانسة)..

أما الجنون أو الذي أصابه مس من الشيطان أو الشياطين فهو الشاعر الكبير عبد الرحمن شكري..