السعودية.. وإرهاب بشهادات عليا

TT

ليس المقصود من العنوان أعلاه كشف السعودية لخلية إرهابية جل أعضائها من حملة الشهادات العليا وحسب، فهذا أمر غير مستغرب، بل إن المقصود أيضا من العنوان أن الإرهاب بات برعاية دول ووسائل إعلام، وأحزاب سياسية تتحدث باسم الديموقراطية.

فعندما نقول إنه لا غرابة في أن يكون من ضمن الإرهابيين من هم أصحاب شهادات عليا، فيكفي أن نذكر هنا أن نائب زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري طبيب جراح، إلا أن الغريب هو عندما تقوم دول، وساسة، بدعم الإرهاب وترويجه، بل وتبريره. ففي الوقت الذي كشفت فيه الرياض عن الخلية الإرهابية المكونة من 44 فردا وجلهم أصحاب شهادات علمية استغلوا شخصياتهم الاعتبارية، كما استغلوا العمل الخيري لتمويل العمليات الإرهابية، كان هناك من يتهجم على السعودية من أجل تبرير فشله وقصوره في بلاده.

فبعد التفجيرات الإرهابية الأخيرة في العراق، والتي استهدفت مقار حكومية، وحصدت أرواح العديد من الأبرياء، خرج بعض من هم محسوبون على إيران في بغداد، يهاجمون السعودية ويتهمونها زورا بأنها من يقف ضد استقرار العراق، وكل ذلك كان بمساعدة وسائل إعلام إيرانية.

وإن كان من أمر يجب تسليط الضوء عليه هنا فهو أن السعودية كشفت عن الخلية الإرهابية في أرضها بالصور والوقائع، وأطلعت الرأي العام السعودي، بل والعالمي، بتفاصيل ما توصلت له تحقيقاتها، حسب الممكن أمنيا، ووضعت الجميع أمام الحقائق، وإن كانت صادمة، وذلك أنجع طرق محاربة الإرهاب، حيث لم تتحرج الرياض من القول بأن هناك أكاديميين يدعمون الإرهاب، أو شخصيات اعتبارية تستغل العمل الخيري من أجل الشر، فهل لدى الآخرين، وتحديدا في العراق، الجرأة نفسها ليسموا الأشياء بأسمائها؟

فذلك هو الأفضل، والأفيد، للعراق والعراقيين من أجل أن يستطيعوا حل مشاكل البلد، وتحديدا الخلل في عمليته السياسية، والعمل على إصلاحه بدلا من تبرير فشلهم وتعليقه على الآخرين.

فخير ما فعلته، وتفعله، السعودية أنها تواجه مشاكلها، والإرهاب إحداها، بكل شفافية وثقة، فالكشف عن شهادات المتهمين، واستغلالهم للعمل الخيري من شأنه أن يكون تذكيرا مهما للسعوديين من أجل التنبه لكل من يدعي مخافة الله، والدعوة إليه، وكذلك التنبه لكل من يدعي أنه يقوم بعمل خيري، خصوصا ونحن في شهر رمضان المبارك.

وكان من الأولى أن يعمد البعض في العراق للقيام بنفس الأمر في بغداد، من حيث مواجهة الحقائق، والقول بأن الفشل السياسي الداخلي، والتصرف بعقلية المحاصصة الطائفية، والاستعراض الواهم من أجل الانتخابات لن يجدي العراق والعراقيين نفعا.

فمن الذي يخترق الأمن العراقي في مناطق حساسة يفترض أنها تحت سيطرة قوات المالكي، ومن هم الذين استغلوا صفتهم الأمنية لسرقة أموال البنوك، وما الذي يريدون تمويله، فهذا أمر مهم، خصوصا أن تتبع المال يعد من أقصر الطرق لتتبع الإرهاب والتخريب؟

الأفضل هو مواجهة الحقائق بدلا من استغلال الإرهاب لتسديد فواتير سياسية. ولذا لا تستغربوا ظهور إرهابيين بشهادات عليا طالما أن هناك دولا وساسة يستفيدون من الإرهاب لتحقيق أهداف ضيقة.

[email protected]