في مواجهة إنفلونزا الخنازير.. مَن نصدق؟

TT

في بداية ظهور وباء إنفلونزا الخنازير ظهر على الساحة العلمية الطبية من يقلل من شأن المرض، أمثال: وزيرة الأمن الداخلي الأميركية جانيت نابوليتانو، التي قالت: «إنفلونزا الخنازير ليست أسوأ من الإنفلونزا العادية»، أو وزير الصحة المصري، الذي صرح بأن «إنفلونزا الخنازير أقل خطورة من الإنفلونزا العادية»، أو الكاتب الأميركي المتخصص في الشؤون العلمية والصحية مايكل فومينتو، الذي صرح في بداية ظهور المرض قائلا: «الفيروس المسبب للمرض ـ إنفلونزا الخنازير ـ لم يقتل سوى 144 ضحية فحسب، وهو عدد أقل بكثير ممن تقتلهم الإنفلونزا الموسمية السنوية في مختلف أنحاء العالم»، أو حمدي السيد نقيب الأطباء المصريين، الذي أشار إلى أن «بعض أنواع الإنفلونزا العادية أخطر من إنفلونزا الخنازير، التي تشغل العالم كله حاليا»، فلقد أثبتت الأيام أن ما قاله هؤلاء لا يمثل الحقيقة العلمية بصورة دقيقة، فالواقع اليوم يشير إلى حالات مضطردة من الوفيات يشهدها العالم، بعد أن انتقلت الدول من مستوى تعداد الإصابات إلى مستوى إحصاء الوفيات، وأصبحت كل سعلة يسعلها أحدنا تذكره بإنفلونزا الخنازير، وأرقام الوفيات.

والحقيقة أن التقليل من شأن إنفلونزا الخنازير تسطيح مخل من شأنه التغرير بالناس، فلا يأخذون بالاحتياطات الوقائية أو العلاجية، كما أن التهويل بالتركيز على الأخبار المرعبة، التي تشير إلى أن بعض الدول كبريطانيا تستعد بمقابر جماعية لضحايا إنفلونزا الخنازير من شأنه أن يدخل الناس في دوامة من الرعب والقلق والحيرة إلى الدرجة، التي يمكن أن تصبح «الفوبيا» من المرض أخطر من المرض ذاته.

نعم علينا رفع درجة التحذير، وتوجيه الناس لسبل الوقاية والعلاج، خاصة في الشهور المقبلة التي يعود فيها الطلاب إلى المدارس، ويرجع فيها السياح إلى أوطانهم من كل جهات الدنيا، وننتقل فيها من فصل مناخي إلى آخر، فهذه العوامل قد ترفع من درجة انتشار المرض، وبالتالي تفرض علينا أن نفعل كل ما يمكننا فعله من تدابير واحتياطات، ثم التعايش بعد ذلك مع الواقع، والتعامل مع المرض بمنهجية طبية موحدة، فالتاريخ يحدثنا أن مسيرة البشرية قد تعرضت في مراحل مختلفة للكثير من الأوبئة وانتصرت عليها، والعالم اليوم ـ بفضل التقدم في العلوم الطبية ـ أكثر قدرة على مواجهة التحديات عما كان عليه من قبل، وسينتصر على هذا الوباء كما انتصر على الكثير غيره من قبل.

دمتم في حفظ الله ورعايته.

[email protected]