ممنوع دخول الشعراء.. قالوا انتحر.. وقالوا أصيب بالجنون

TT

الشاعر الكبير عبد الرحمن شكري نصف مجنون.. أو مجنون إلا قليلا.. أو مجنون تماما ـ هذه آراء النقاد فيه.

والغريب أن العقاد لم يحاول إنقاذ عبد الرحمن شكري من براثن عبد الرحمن شكري. فكان عبد الرحمن شكري أقوى وأعنف. والعقاد لم يكن قادرا على انتشاله من شعوره القوي بعدم جدوى الشعر والحياة معا. فإما الشعر وإما الحياة. فقدم الشعر وراح يقاطع الحياة. ولا نعرف بالضبط ماذا حدث. لقد تعب عبد الرحمن شكري من الحياة. ثم غاب نهائيا. وقالوا انتحر. وقالوا مات. وقالوا أصيب بالجنون ووجدوه في الشارع فنقلوه وهم لا يعرفون من هو. ولم يسجل مستشفى الأمراض العقلية اسمه. وكتبوا مجهول: يرتدي طربوشا ومنظارا غليظا وفى جيبه ورق وكلام ليس واضحا وقلم جاف.

وقيل كان في بورسعيد.. ثم اختفى. فذهبت إلى بورسعيد. وسألت عددا من الصحفيين والمثقفين كبار السن. فقال بعضهم: رأيناه ولما حاولنا أن نكلمه هرب بصورة جنونية وراح يصرخ ويتمتم. ثم اختفى..

وفى الإسكندرية قالوا كان هنا.. لا كان هناك. وحاولنا أن نكلمه لكنه هرول واختفى. وسألت: أين؟ قالوا في هذا الشارع أو في هذا الشارع. ورحت أدق الأبواب واحدا واحدا وقد أساء الناس فهمنا. وظنوا كذا وكذا.. وحاولت نهارا وليلا..

وعرضت صورته على كل من لاقيته في الشارع الذي حددوه.. فبعضهم قال إنه رآه من أسبوع.. وقالوا من شهر. وقالوا أمس. وقالوا اسأل بالضبط هذا البقال. وسألت البقال. ووقفت أمام الغرفة ويدي ترتعش وخشيت أن يراني الشاعر عبد الرحمن شكري فيؤذى نفسه أو يؤذيني..

وفتح الرجل الباب.. دعني أصف لك ما تبقى من شاعرنا الكبير عبد الرحمن شكري..