أحمدي نجاد وظل الله في الأرض

TT

قال آية الله أحمد خاتمي خلال خطب الجمعة الشهر الماضي: «إن طاعة خامنئي تعني طاعة الله». والآن يقول آية الله مصباح إن طاعة أحمدي نجاد هي من طاعة الله. كيف يمكننا إذن أن نفسر وجهة النظر تلك؟ وما هو أصل هذا الموقف؟

في البداية، أود أن أتحدث عن اجتماع لا ينسى جرى في الدار البيضاء، حينما كنت وزيرا للثقافة، حيث دعاني السيد البصري إلى منزله في الدار البيضاء، وهناك التقيت الدكتور محمد عابد الجابري وتناقشنا حول ولاية الفقيه ونهج حكمه كممثل للإمام الغائب بحسب عقيدة المذهب الشيعي. وقلت للجابري: إننا كنا نعتقد قبل الثورة أن رجال الدين هم ظل الله على الأرض، لكنني أعتقد الآن أن الله هو ممثل رجال الدين ممن يحكموننا الآن!

إننا نشهد اليوم حقيقة غريبة في إيران، حيث تتشابه الحكومة القائمة في طهران الآن مع حكومة النمرود في عدد من الأوجه، إذ تعتقد أن قوتها ألوهية وأن أقوالها ربانية، تماما كما فعل النمرود الذي حاج سيدنا إبراهيم والذي جاء ذكره في القرآن الكريم فقال عز وجل: «ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن أتاه الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت..» (البقرة: 258). وقال الماوردي (م 450 هـ) في تفسيره «النكت والعيون»: هو النمرود بن كنعان، وهو أول من تجبّر في الأرض وادّعى الربوبية.

«أَنْ ءَاتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ» هو النمرود لما أوتي الملك حاجَّ في الله تعالى.

وبعبارة أخرى فإن قوة الحكم كانت أساس مزاعم النمرود. لذا فإن الحاكم المطلق يعتقد بألوهيته. ولأن النمرود أمر بقتل شخص بريء والعفو عن مدان حكم عليه بالقتل، دفعه ذلك إلى القول: «أنا أحيي وأميت».

ثالثا يقول الله عز وجل في قرآنه «ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل. لأخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين» (الحاقة: 44 ـ 46) أي أن الرسول لا يستطيع أن يتقول على الله، ومن ثم يتضح أن كل أقوال النبي (الأحاديث) ليست من كلام الله.

رابعا، يقول الإمام علي في كتاب نهج البلاغة:

(فَلاَ تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاء، لإخراجي نَفْسِي إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ مِنَ التَّقِيَّةِ فِي حُقُوق لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا، وَفَرَائِضَ لاَ بُدَّ مِنْ إِمْضائِهَا، فَلاَ تُكَلِّمُونِي بَمَا تُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ، وَلاَ تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ، وَلاَ تُخَالِطُونِي بالْمُصَانَعَةِ، وَلاَ تَظُنّوا بِيَ اسْتِثْقَالاً فِي حَقّ قِيلَ لِي، وَلاَ الْتمَاسَ إِعْظَام لِنَفْسِي، فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَوْ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ، كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ.

فَلاَ تَكُفُّوا عَنْ مَقَال بِحَقّ، أَوْ مَشُورَة بِعَدْل، فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئ، وَلاَ آمَنُ ذلِكَ مِنْ فِعْلِي، إِلاَّ أَنْ يَكْفِيَ اللهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي، فَإنَّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ، يَمْلِكُ مِنَّا مَا لاَ نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا، وَأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ، فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلاَلَةِ بِالْهُدَى، وَأَعْطَانَا الْبصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمَى) (نهج البلاغة: خطبة 216).

لقد أعلن آية الله علي خامنئي في خطبة الجمعة صراحة أن من يتظاهر في الشارع سوف يُقتل وأن موسوي وكروبي مسؤولان عن هذه الدماء التي أريقت. هل هذه كلمات تصدر عن حاكم يزعم أن طاعته من طاعة الله؟

وقد وصف أحمدي نجاد المتظاهرين بأنهم قش وتراب؟ أهذه هي طريقة من ظل الله في الأرض في الحديث؟

يبدو الآن أن هناك متحدثين عن الله هما خامنئي وأحمدي نجاد، وأحيانا ما نشهد تناقضات خطيرة بينهما. منها على سبيل المثال: أمر خامنئي أحمدي نجاد بإقالة النائب الأول له إسفنديار مشائي، إلا أن نجاد لم ينصع للأمر حين صدوره، بل أجل وتجاهل الأمر حتى قرر خامنئي أن يعلن الأمر على شاشة التلفزيون والصحف الرسمية. وقد انتقدت كل قطاعات الإعلام الرسمية المحافظة أحمدي نجاد وطالبته بالانصياع لأمر المرشد الأعلى.

في ولاية إنديانا رصدت دورية الطريق الشاب سكوت غوزيك، من ساوث غيت بولاية ميتشغان الأميركية، يقود سيارته بسرعة 106 أميال في الساعة وقد طارده شرطي على مدار ساعة شارك فيها العديد من هيئات الشرطة في عدد من المقاطعات قبل أن يحاول غوزيك الفرار من سيارته بالقرب من لبنان. وبداخل سيارته كانت توجد طفلته، أماندا، البالغة من العمر عاما واحدا. وعندما سألته الشرطة عن السبب وراء فعلته تلك قال بأن الله هو من كان يقود السيارة وليس هو وأنه كان في طريقه للتضحية بابنته تنفيذا لأوامر الله.

أخبر غوزيك الشرطة بأن الله تولى زمام أمره من منزله خارج ديترويت إلى المقاطعة للتضحية بابنته التي هاجمتها الشياطين أثناء نومها.

لقد كان جورج بوش آخر غوزيك شهير، أما أحمدي نجاد فهو غوزيك الجديد. وتخيلوا معي أن الدولة كالسيارة فإن هؤلاء الأفراد هم رسلها. فإن هؤلاء ممن يقولون بأنهم ممثلون لله والذين يعتقدون أنهم يتلقون أوامرهم من الله يرغبون في قتل الشياطين. وبين هؤلاء الناس لا فرق إذن بين بوش وأحمدي نجاد وغوزيك. الاختلاف الوحيد هو أن الشرطة والمحكمة تدعمان بوش وأحمدي نجاد.