ماذا بعد انتخابات إقليم كردستان

TT

عكست نتائج الانتخابات في إقليم كردستان الكثير من توقعات المحللين والمراقبين في كثير من الدوائر الانتخابية بالإقليم لا سيما في مدينة السليمانية وضواحيها إذ كانت سابقا معقلا للاتحاد الوطني الكردستاني وتوافر أشد المؤيدين له. ولكن بعد انشقاق بعض القيادات والكوادر منه ودخولهم الانتخابات بقائمة جديدة وهي قائمة التغيير الذين انتهجوا ربما قبل انشقاقهم عن الاتحاد سياسة منتقدة لكل شيء يقوم به الاتحاد، وقد أسسوا مؤسسة إعلامية وجعلوا المراقبين والمتابعين يتكهنون إلى من تنتمي هذه الصحف ووسائل الإعلام؟ وكانت وسائل الإعلام هذه تتركز على الفساد والنقد الحاد للحزبين، وكان لموقع «كردستان بوست» دور كبير في حملتهم الانتخابية ودخولهم إلى التأثير في الوسط الشبابي معولين على أن أكثر المستخدمين للشبكة العنكبوتية هم من الشباب في كردستان.

لذا تم التركيز بحملتهم الانتخابية على مناطق لم تمتد إليها يد العمران كثيرا ولقد استطاعوا التوغل داخل الفئة الشبابية بقوة وكسب الطبقة الفقيرة وقطع وعود لهم بتحسين أوضاعهم المعيشية ومحاربة الفساد والقضاء على ظاهرة المحسوبية والمنسوبية المتفشية هناك.

والكل حاول أن يثبت ولاءه للشعب لأن الشعب الكردي بصوته سيضع الفاصل الحقيقي بينه وبين السلطة في انتخابات اتسمت بالنزاهة، وعرف كيف يمارس حقه في الانتخابات بوعي وأعطى الضوء البرتقالي للمرشحين الذين لم يرتضيهم ومنح الآخرين الأشد سوءا الكارت الأحمر، إذ راهن الكثير بأن هذه الانتخابات لن تكون مختلفة وستكون كبقية الانتخابات السابقة.

لكن ما تحقق لقائمة التغيير على حساب الاتحاد الوطني الكردستاني كان مفاجأة مدوية وزلزالا كبيرا، فضلا عن أن فوز السيد مسعود بارزاني بـ70% من الأصوات، وكمال ميراودلي بـ25.32%، إشارة إلى مدى شعبية بارزاني، بينما جاءت نتائج انتخابات برلمان كردستان هي الأخرى بعكس ما تشتهي سفن «الاتحاد»، فما حصلت عليه القائمة يعود الفضل فيه إلى أصوات مناصري وأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني حيث جاءت النتائج كالآتي:

1) القائمة الكردستانية 57.34% من الأصوات.

2) قائمة التغيير 23.75%

3) الخدمات والإصلاح 12.8%

وعقب هذا التحول الدراماتيكي وفقدان الحزب الوطني لرصيده الجماهيري انعكس ذلك على واقع التحالف بينهما، وهناك تسريبات تشير إلى أن هناك خلافا حقيقيا حل بين الحزبين، ويأتي النفي دائما من جانب قادة الاتحاد الوطني في حين تصريحات قادة الحزب الديمقراطي تتحدث بصوت عال يتناسب مع ما حققوه في الانتخابات، إذ إن صفة «التغيير» يجب أن لا تطلق على القائمة التي يترأسها نوشيروان مصطفى، القيادي السابق في «الاتحاد الوطني» الذي يقود المعارضة، بل إن «التغيير الملموس الذي يعرفه كل مواطني إقليم كردستان هو مبادرة من نيجيرفان بارزاني، الذي بادر بالتغيير بشكل عملي، وهو من قام بالفعل بالتغيير في الإقليم حيث تبرز إنجازاته بوضوح اليوم أمام الجميع. وأن ما يدور في الشارع الكردستاني هو ضرورة إبقاء السيد نيجيرفان رئيسا لحكومة الإقليم انسجاما مع اشتراطات العملية الانتخابية وهذا ما أفرزته صناديق الاقتراع. وهذا حق طبيعي فرضته صناديق الاقتراع وعلى الجميع احترامه. وعليه لا بد أن تجري مفاوضات بشأن العلاقة ما بين الحزبين وفق ما أفرزته الانتخابات.

* أكاديمية من إقليم كردستان العراق