العراق.. القادم أكبر وأسوأ

TT

حتى وإن بدت تصريحات وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري حادة ومنفعلة بعد التفجيرات الإرهابية التي هزت بغداد، إلا أنها واقعية، ومبررة، وتستحق التوقف عندها مطولا.

فقد توقع زيباري أن يكون «القادم أكبر»، وبقراءة متأنية يمكن القول إن كلام الوزير سليم، ومتوقع، لكن للأسف فإن البعض في العراق يقرأ الأحداث من منظور ضيق. فعندما كتبنا «لماذا اشتعل العراق»؟ انبرى البعض مهاجما ومخونا، رغم أنه كان واضحا أن احتفال الحكومة العراقية بالانسحاب الأميركي خطأ استراتيجي.

فالحكومة أرادت تصوير الانسحاب كبطولة تمنح المالكي قوة دفع في الانتخابات القادمة. والمعروف، أن النظام السياسي القائم هناك كان نتاج عملية أميركية من الألف إلى الياء، وكذلك الانسحاب، ومجرد تصويره كإنجاز للمالكي يقسم العراقيين. كما أن الانسحاب، وإن كان أمرا حتميا، إلا أنه يشكل خطرا على العراق طالما ليس هناك مصالحة سياسية حقيقية، تخفف من الخطر الطائفي.

الخطأ الآخر، كان المبالغة الزائدة في الثقة الأمنية، والتي تجلت بإزالة العوازل الأسمنتية من بغداد، ومن أجل أسباب انتخابية أيضا، حيث كان الهدف منها هو إظهار حكومة المالكي بالمظهر القوي وأنها تحكم قبضتها الأمنية على العراق ككل، بينما كل المؤشرات تقول إن الأمن العراقي مخترق، ليس من قبل البعثيين أو «القاعدة» وحسب، بل ومن إيران وعملائها، وهنا يجب أن نتذكر أن أجهزة الأمن العراقية تضم أفرادا من الميليشيا الشيعية التي كانت تمارس إرهاب المدن بعد سقوط نظام صدام حسين، ناهيك عن فرق الموت، كما ينبغي تذكر عمليات السطو على المصارف التي قام بها بعض من رجال الأمن، أو اختطاف البريطانيين من وزارة المالية العراقية قبل أعوام، وغيرها من الأحداث.

وقد يقول قائل وما دخل البعثيين في مكونات الأمن العراقي، خصوصا أن الاتهامات تتجه الآن صوب الحزب المحظور، والإجابة بسيطة جدا، فمن تسهل عليه خيانة أمانة مهمته الأمنية، ويقوم بالسطو على مصارف، أو القيام بعمليات اغتيال، فمن السهل أن يبيع وطنا بأكمله.

ولذا نقول مرة ثانية وثالثة، وبعد الألف، إن الاستعداد للفوز بالانتخابات العراقية يجب أن يكون من باب المنجز السياسي الحقيقي، وهو حل مشاكل العراق الأساسية وأهمها المصالحة، بدلا من ضياع الأرواح، والفرص؛ فالمصالحة الوطنية كفيلة بقطع أيدي التدخل الإقليمي، وكفيلة بأن يحتمي المواطن العراقي ببلاده بدلا من البحث عن مظلة طائفية، أو خارجية.

فهناك نقطة مهمة نبهني لها أحد الشخصيات الأمنية العراقية المرموقة وهي أن اتهامات حكومة المالكي المستمرة لمن تسميهم بالتكفيريين والبعثيين تمثل رسالة بالغة الخطورة، فمع تكرار تلك العبارة مع كل حدث أمني فإن الرسالة التي يفهمها نصف الشعب العراقي هي أن ما يريد المالكي قوله هو أنه يتهم السنة بتلك العمليات الإرهابية، وهذا من شأنه أن يستمر في تعقيد الأمور في العراق، سياسيا وطائفيا، وبالتالي أمنيا.

وعليه فمع زيباري كل الحق حين يقول إن القادم أكبر.. ونضيف بأنه قد يكون أسوأ أيضا ما لم تكن هناك حلول حقيقية أبرزها المصالحة السياسية.

[email protected]