في موسكو الإسلام هو الحل

TT

اسمحوا لي أن أخفف من عطش صيامكم في «آب اللهاب» بطرافة هذين التصريحين المثيرين الغريبين العجيبين، سأعرض لكم هذين التصريحين وأنثر أسماء أصحابهما مبعثرة وعليكم، كما كنتم تفعلون طلابا في «امتحان التوصيل»، أن تنسبوا منطقيا كل تصريح إلى قائله المناسب، التصريح الأول يقول «بلادنا تواجه أزمة ديموغرافية وانتشارا للمواليد غير الشرعيين، والحل في تقنين الزواج بأكثر من زوجة واحدة، ولا أخفيكم نيتي بالزواج بثانية وربما ثالثة!!»، وأما التصريح الثاني فهذا نصه: «أنا أؤيد التعديل المقترح لمنع تعدد الزوجات، فتعدد الزوجات ينطوي على الكثير من المضار».

هذان التصريحان منسوبان إلى كل من فلاديمير جيرينوفسكي نائب رئيس البرلمان الروسي، والشيخ الدكتور أحمد السايح أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر.

منطقيا تصريح تقنين إباحة تعدد الزوجات والنية للاقتران بأكثر من زوجة لا بد أن يكون لشيخ من جامعة الأزهر، ومحاربة التعدد خاصة وأنه منتشر في الأقاليم المسلمة في الفيدرالية الروسية مثل الشيشان وأنغوشيا لا بد أنه صادر من نائب رئيس البرلمان الروسي، لكن النتيجة الصحيحة عكسية، وهنا مصدر الاستغراب، فالروس أزواجا وزوجات مثلهم مثل كثير في العالم الغربي ممكن أن يتقبل بعضهم ولو على مضض تعددا للعاشقين والعاشقات، لكن لا يمكن أن يتقبلوا فكرة تعدد الزوجات.

وإن كان تصريح نائب رئيس البرلمان الروسي غريبا، «فأم الغرائب» أنه حين قدم في عام 2002 مشروع قانون تعدد الزوجات لمناقشته في مجلس الدوما (البرلمان الروسي) كما نقله موقع «العربية نت»، فقد حدد عدد الزوجات بأربع نساء، شرط أن تعطي كل منهن موافقتها على اقتران زوجها بغيرها، ولا أدري لماذا حدد الزوجات بأربع، فالرجل ليس مسلما شيشاني الأصل، وليس نائبا عن تترستان ذات الأغلبية المسلمة، ما الذي جرى لروسيا والروسيين؟ لم تكد دهشة الإعلام العالمي تخف من إقدام الروس وعبر برلمانهم وحكومتهم على حظر الملاهي الليلية وكازينوهات القمار، حتى فاجأنا نائب رئيس برلمانهم أخيرا بتقنين تعدد الزوجات، وبالتحديد بأربع لحل المشكلة الديموغرافية وتزايد عدد النساء نسبة للرجال، وكثرة اللقطاء في المجتمع الروسي، هذه بالتأكيد إضافة مهمة وتعزيز لمقولة إن الإسلام هو الحل الواقعي والعملي لمشاكل الإنسانية.

هذا الحل الذي يلجأ إليه غير المسلمين أمسى يقاومه بعض مسلمينا، بل بعض علمائنا، والغريب أن الشيخ أحمد السايح يدرك أنه في بلد مثله مثل بقية البلاد العربية يلجأ فيه عامة الناس وبعض الساسة ورجال الأعمال وحتى الفنانين إلى الزواج بأخرى سرا وجهرا طلبا للحلال، فإذا ردم الشيخ هذا المنفذ الوحيد فقد سد منفذ الحلال الوحيد والنتيجة الحتمية لجوء هؤلاء إلى منافذ الحرام، ومن ثم شيوع الزنا وأمراضه وأولاد اللقيط، لنبدأ في حل مشكلة سبق أن وقعت فيها روسيا وتبحث هذه الأيام عن «الحل الإسلامي» لها.

هذا عن أم الغرائب الروسية، أما أم الغرائب في تصريح الشيخ السايح فقوله «بأن زواج المتزوج من فتاة شابة لم يسبق لها الزواج لا يجوز على الإطلاق، والمرأة قبل الدخول بها لا تصنف ضمن عدد النساء!!!»، والمقام هنا لا يتسع للجدل الفقهي في هذا الموضوع وأيضا لست متخصصا فيه، لكني أستغرب كيف فات على شيخ أزهري متخصص أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأربعيني المتزوج قد اقترن بعائشة رضي الله عنها البنت البكر اليافعة، هذا خلاف عمل الصحابة والتابعين وما درج عليه المسلمون على مدار التاريخ وعلى اختلاف مذاهبهم وتنوع مشاربهم من جزر الملوك الإندونيسية شرقا إلى تطوان المغربية غربا، مؤسف أن يزهد أو يشكك بعضنا في أحكام في التشريع الإسلامي، في وقت وجد «غيرنا» البعيد فيها ضالته.