حماس.. جهاد في سويسرا

TT

عندما كشفت صحيفة «الشرق الأوسط» عن ورش العمل التي عقدت في سويسرا وضمت شخصيات إسرائيلية، وكذلك شخصيات من حماس، ردت الحركة الإخوانية بنفي الخبر في البداية، ثم عادت في اليوم التالي وأقرت بالأمر، لكنها قالت إن المشاركين في المحادثات كانوا يمثلون وجهة نظر الحركة، وليسوا محسوبين عليها.

وذكر مصدر من حماس لصحيفتنا، أول من أمس، أن الشخصيات المحسوبة على حماس كانت تصر عند الحديث على أنها لا تمثل حماس، لكنها كانت تعبر عن موقف الحركة، وأنها ركزت على القول بأن الحركة تريد السلام، ويمكن للأوروبيين الاعتماد عليها، مشيرا إلى أن تلك الشخصيات ركزت على أهمية بناء علاقات مع الأوروبيين.

كل ذلك يأتي في الوقت الذي كشف فيه المصدر أيضا عن نقاشات حادة دارت بين الوفد الذي يمثل السلطة الفلسطينية والشخصيات المحسوبة على حماس، حيث كان وفد السلطة يؤكد أنه يمثل جميع الفلسطينيين، بيد أن وفد حماس رفض ذلك قائلا: «إن وفد السلطة لا يمثل إلا نفسه، أما حماس فهي رقم صعب لا يمكن تجاوزه، ولا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تتحدث باسمها في المؤتمر».

وهذا أمر تسعى إليه حماس دائما، أي أنها هي المتحدثة باسم الفلسطينيين، حيث تسعى إلى تسويق نفسها للغرب، وخير مثال على ذلك ما فعلته حماس على لسان أحد مستشاريها بعد تصفية «جند أنصار الله» في رفح حيث قال إن حماس ضد التطرف وتحاربه بالسلاح، وهو ما يجب أن يسجله لها الغرب، وبالتالي يجب أن تكافأ الحركة بانفتاح الغرب عليها.

ومن أجل كل ذلك تقوم حماس بلعبة إعلامية منذ فترة حيث تعمد إلى تعيين أكثر من متحدث ومستشار، وتترك لهم مساحة للكتابة والظهور في وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية، وذلك من أجل الاستفادة مما يعتبره البعض جناحين لحركة حماس، أحدهما يوصف بالحمائم، وآخر يوصف بالصقور، من دون أن يشرح للرأي العام العربي الفارق ما بينهما.

والفارق بين الاثنين، وبكل بساطة، هو أن حمائم حماس أصدقاء إسرائيل، بينما صقورها أصدقاء لإيران، وقبل أن ينطلق علينا المحتجون فعليهم أن يجيبوا على سؤال واحد، وهو: أين حمائم حماس من الصلح مع أشقائهم الفلسطينيين، خصوصا أنهم يقبلون مفاوضة الإسرائيليين، أوليس الأقربون أولى بالمعروف؟

وعليه فلا يجب أخذ حماس على محمل الجد، عربيا وغربيا، إلا إذا عمدت إلى تفعيل الحوار الفلسطيني، وإنهاء قضية الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني، بدلا من أن يتحول الحوار الفلسطيني في مصر إلى حوار طرشان، ليس له نهاية. فحل الصراع الفلسطيني هو المحك، وليس التفاوض مع إسرائيل، فالجهاد في سويسرا، لعبة لا تقل عن لعبة صواريخ التنك في غزة.

حماس لا تمثل كل الفلسطينيين، بل هي تقسمهم، ودليل جديتها من عدمه، هو مدى مساهمتها في إنهاء الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني، وما غير ذلك ما هو إلا خدعة، وشراء للوقت، على أمل أن تكسب حماس اعترافا دوليا، أو تنتظر عودة مستوى الدعم الإيراني إلى ما كان عليه سابقا.

[email protected]