الداخل الإيراني.. الحكم بالرهائن

TT

كثير من الغموض بدأ يكتنف أزمة صراع النخب الحاكمة في إيران، فالأخبار متناقضة، ناهيك عن عدم دقتها، خصوصا ما يصدر عن إعلام المرشد، لكن المؤكد هو أن الأزمة ما تزال مستمرة، وعميقة، والدليل معركة تشكيل الحكومة.

والواضح في إيران اليوم هو أن نظام المرشد الأعلى بات يحكم البلاد، ويديرها، خصوصا التعامل مع الإصلاحيين، من خلال سياسة الرهائن. فإيران، ومنذ الثورة الإسلامية، اشتهرت بمقدرة فائقة على استغلال استخدام الرهائن في كل معاركها الخارجية، منذ احتجاز رهائن السفارة الأميركية في طهران لمدة 444 يوما. وبات استخدام الرهائن سياسة تتبعها طهران طوال الوقت، مرورا بكل الأزمات، في السياسة الخارجية، فمن خلالها تقوم إيران بفتح قنوات خلفية للتحاور والتفاوض مع الغرب، وتحديدا أميركا. ولو قام باحث بتقصي هذا الموضوع فسيجد أنه لا تمر 5 إلى 10 سنوات من دون أن تكون هناك رهينة أجنبية في إيران، أو لدى جماعة محسوبة على طهران.

اليوم اتبع المرشد الأمر نفسه مع الإصلاحيين الذين يعارضون نتائج الانتخابات الأخيرة، ومع المحتجين على احتجاز المواطنين، واعتقال القيادات الإصلاحية البارزة مثل أبطحي، وغيرهم ممن عرضوا في المحاكمة المسرحية. فجزء من المعركة اليوم في إيران هو إطلاق سراح المعتقلين، وهو الأمر الذي بات يشكل ضغطا داخليا على السيد هاشمي رفسنجاني، مما قد يفسر خطابه الأخير حول الاستماع لنصائح المرشد، وليس الانصياع له مثلما نقلت وسائل إعلام المرشد.

وعليه فقد اضطر الإصلاحيون إلى التزام الهدوء، وتقنين أحاديثهم وكتاباتهم لأن هناك ابتزازا واضحا يتعرضون له في طهران، فإن هم تحدثوا فإن ذلك يعني إطالة أمد معاناة المعتقلين، وإن التزموا الصمت فإن النظام يعتبر ذلك انتصارا عليهم، بينما تقول بعض مصادر الإصلاحيين إن المعركة لم تنته والهم الآن هو إطلاق سراح من هم في السجون، ناهيك عن حماية من غادر من الإصلاحيين إلى خارج إيران، حيث تشير بعض المصادر إلى أن بعض الإصلاحيين قد فر إلى تركيا خوفا على حياته، وحياة أبنائه.

وعليه فنحن اليوم شهود على نظام يستخدم ورقة الرهائن بشكل واضح من أجل تكميم أفواه معارضيه في الداخل، خصوصا في قضايا حساسة بالنسبة للرأي العام الإيراني، مثل اغتصاب بعض السجناء، ودفن جثث آخرين قضوا تعذيبا في السجون. كما يستخدمون ورقة الرهائن للضغط على قيادات الإصلاحيين الذين هزتهم رؤية زملاء لهم لم يمض على إيقافهم سوى أربعين يوما، مثل الصورة التي ظهر بها السيد أبطحي يوم محاكمته.

ولذا فنحن اليوم لسنا شهودا على دولة ديكتاتورية وحسب، بل نحن شهود أيضا على نظام يحكم دولته وشعبه باحتجازهم رهائن. ودلالة ذلك أن نظام طهران في أزمة حقيقية، وصعبة، مهما حاول إظهار عكس ذلك. والعبرة من كل ذلك هي أننا بتنا نكتشف يوميا الفكر والمنهج الذي يحكم دولة كبيرة، وجارة، مثل إيران، فمن شأن ذلك أن يساعدنا في التعرف على طبيعة من يرضى أن يكون حليفا، أو عونا لإيران في منطقتنا!

[email protected]