شحاتة خارج «شهادة أدونيس»

TT

في رسالة هاتفية قبل أيام أخبرني الكاتب الصديق محمود صباغ انه أهدى أدونيس مجموعة من أعمال الأديب السعودي الكبير الراحل حمزة شحاتة، وأن أدونيس بعد اطلاعه على بعضها أكد «انه لا يبالغ إذا صنف ـ حمزة شحاتة ـ من قيمة أحمد شوقي، ومحمد مهدي الجواهري، هذا إن لم يبزهما»، وكان محمود العاشق بوعي لحمزة شحاتة فرحا بتلك الشهادة باعتبارها تأتي من أدونيس، الذي يصفه بأنه «أحد أكابر مثقفي الحداثة في حالتنا الراهنة؛ في الشعر والفكر والابتكار الإبداعي وفي نقد التراث ومُساءلته»، وأذكر أنني قلت لمحمود إن مثل هذه الشهادة الخاصة لا تقدم ولا تؤخر إن لم توثق، وكان أن كتب محمود في مقاله الأسبوعي بالأمس في صحيفة «الوطن» السعودية موضوعا بعنوان «مئوية حمزة شحاتة.. وشهادة أدونيس» ذكر فيه نص ما نعت به أدونيس شحاتة كاملا.

وبعيدا عما قاله أدونيس، وأهميته أو عدم أهميته «لدى البعض»، وبعيدا عن الزج بحمزة شحاتة في مقارنات مع غيره من الشعراء، فإن ما يثق فيه جل المهتمين بالشأن الثقافي السعودي ـ خارج إطار شهادة أدونيس ـ بأن حمزة شحاتة قامة فكرية وإبداعية لم تنصف، وقد كتبت ذات يوم في هذه الزاوية قائلا: لو أنصفته الأيام ـ أي حمزة شحاتة ـ لكان ملء الثقافة العربية حضورا، لكنها الرياح تجري بما لا تشتهي سفن المبدعين في الكثير من الأحيان، فالشاعر والمفكر السعودي الكبير حمزة شحاتة يعرفه أبناء جيله من المشتغلين بالأدب من مواطنيه، وبعض من الأجيال التي تلت جيله، وإن ظلت هذه المعرفة لدى الكثيرين أقصر من قامته وأقل من استحقاقه. ورغم مرور ما يقارب أربعة عقود على رحيل حمزة شحاتة تظل مساحة من الأمل في أن يتمكن السعوديون ـ في عصر حضورهم الإعلامي والثقافي ـ من تكثيف التعريف بهذه القامة الشامخة في محيطها العربي، فمن عدم إنصاف شحاتة ألا يعرفه إلا بعض قومه.

أدرك أن حمزة شحاتة نفسه قد أسهم في هذا الغياب غير المنصف، حينما اختار في مرحلة من حياته أن يعيش متحررا من المجال الأدبي، فهو الذي كتب إلى زوج ابنته شيرين رحمها الله، حينما اعتزمت نشر بعض رسائله إليها قائلا: «إني أصارع الذين ينشرون لي أو عنٌي أي شيء.. فماذا تريد أن تفعل بي هذه الحمقاء؟!»، فالرجل صادف في حياته بعض الحظوظ العواثر جعلته يزهد في الكثير من الأشياء، وأولها شهرته كأديب كبير.

فإن زهد حمزة شحاتة في حياته في الشهرة فمن الإنصاف أن لا نزهد نحن في تقديم هذه الشخصية العبقرية إلى مجالها العربي بما تستحقه من مكان ومكانة، فتقديمه سيضيف الكثير إلى مصادر فخرنا بمبدعي هذه الأرض الذين هم ثروتنا الحقيقية.

[email protected]