العالم الذي رفض رئاسة إسرائيل

TT

كان ألبرت أينشتاين، ولا يزال، أشهر عالم يهودي. وقد انتقل من ألمانيا، حيث ولد ونشأ، إلى الولايات المتحدة، حيث أحيط بما يحاط به العلماء. لكن أينشتاين رفض، طوال حياته، تأييد الدولة الإسرائيلية. وفي العام 1952 عرضت عليه رئاسة الدولة، خلفاً لحاييم وايزمان، فرفض بإصرار. وينسب إلى بن غوريون قوله آنذاك «لم يكن ممكناً ألا نعرض عليه الرئاسة، لكن الويل لنا لو أنه قبل». وأما أينشتاين فقد برر الرفض بالقول: «إنني مضطر أن أقول للشعب الإسرائيلي أشياء كثيرة لا يحب سماعها».

رفض أينشتاين فكرة إقامة وطن لشعب على حساب شعب آخر. وفي كل خطبه ورسائله كان يشير إلى «فلسطين» لا إلى «إسرائيل». ويدون كتابٌ جديد جميعَ تلك الوثائق التي جرت محاولات كثيرة لحجبها. واكتشف مؤلف الكتاب، فرد جيروم، أنه حذفت من أوراق أينشتاين وسجلاته كل إشارة إلى مقابلة أجراها معه في جامعة برنستون الأستاذ محمد حسنين هيكل. وقد كشف هيكل وهو يستعيد ذكرى اللقاء مع مؤلف الكتاب أن الذي اقترح عليه مقابلة أينشتاين كان الدكتور محمود عزمي، مندوب مصر في واشنطن ثم رئيس وفدها لدى الأمم المتحدة. وكان الوفد المصري هو الذي بعث برسالة إلى أينشتاين يوصيه بمقابلة الصحفي البالغ آنذاك 32 عاماً.

ينسب هيكل إلى أينشتاين قوله إن النزاع في الشرق الأوسط هو صراع بين حقين: حق اليهود بوطن قومي وحق العرب بأرضهم. وقال «إنه يشعر بالذنب وبالحزن بسبب المأساة التي يتعرض لها الفلسطينيون في فلسطين».

يروي أينشتاين أنه تحدث إلى حاييم وايزمان عن معاناة الفلسطينيين، فقال هذا «إن الله وعد اليهود بهذه الأرض»، فعلق هو قائلا: «يجب ألا نقحم الله في هذا النقاش، لأن كل فريق يرى الله إلى جانبه. وإذا كان الله هو من وعد اليهود بهذه الأرض فهو أيضا الذي أقام العرب لها».

رفض أينشتاين القومية اليهودية ورأى فيها مضرة باليهود. ورأى أنه إذا كان لا بد من وطن قومي ضمن فلسطين فيجب أن يكون نموذجاً في التعايش وعدم إلحاق الضرر بأهل الأرض، الذي يشير إليهم على أنهم «أقرباء».

وكان يعتقد أن أي إخفاق في تحقيق ذلك، أو أي شوفينية يهودية، يعنيان فشل الحركة الصهيونية. ونشأ أينشتاين في ألمانيا في عائلة غير «متدينة»، كما كان يصفها. وقال إنه توقف عن قراءة التوراة في الثانية عشرة لأنه رأى أن الكثير مما ورد فيها غير قابل للتصديق. ويقال إنه بقي دون أي ممارسة شعائرية حتى سن الأربعين.

وفي تكريم له في لندن العام 1930 قال «إنني مضطهد في ألمانيا لأنني أحمر ويهودي». وقال صاحب الحفل «لكنك زهري اللون ولست أحمر تماماً» فأجاب «ولست يهودياً تماماً كذلك»